اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 61
حركة الفتوح بعد معركة بلاط الشهداء:
تعد موقعة بلاط الشهداء من المواقع الحاسمة في التاريخ، لأنها وضعت حداً للفتوح الإسلامية خلف جبال ألبرت. ويعلق المؤرخون الأوروبيون أهمية كبيرة عليها، فيقولون: لو أن العرب انتصروا في هذه المعركة لأصاب أوروبا مثلما أصاب إسبانيا، ولكان القرآن يدرس في جامعات باريس وكمبردج وأوكسفورد. وهناك من لا يعلق أهمية على هذه الموقعة، ويرى أن الامتداد الطبيعي للفتح العربي في إسبانيا هو جبال ألبرت. أما ما قاموا به من عمليات عسكرية وراء هذه الجبال، فلم يكن سوى توغل بدافع الحماس الديني والجهاد في سبيل نشر مبادئ الإسلام، دون أن يعملوا حساباً للتقهقر أو الانسحاب [49]. وعلى أية حال فإن حركة الفتوح الإسلامية لم تتوقف بعد موقعة بلاط الشهداء. فقد قام الوالي الذي عُيّن بعد استشهاد عبد الرحمن الغافقي، وهو عبد الملك بن قطن الفهري (رمضان 114 - شوال 116هـ/ تشرين الأول 732 - تشرين الثاني 734 م) في ولايته الأولى، بالتوجه إلى شمال إسبانيا. وهناك قضى على تمرد سكان ولايات كل من قطالونية Catalonia، وأراغون Aragon، ونافار Navarre، والباسك، الذين استغلوا فرصة اندحار المسلمين في جنوب فرنسا، فتمردوا على حكومة قرطبة [50]. ثم توجه مباشرة، كما تذكر بعض الروايات المسيحية، عبر جبال ألبرت إلى لانجدوك Languedoc في فرنسا، حيث قام بتحصين المدن التي كانت بأيدي المسلمين [51].
ولكن نشاط حركة الفتوح في جنوب فرنسا ازداد بشكل ملحوظ في ولاية عقبة بن الحجاج السلولي (شوال 116 - صفر 123 هـ/ تشرين الثاني 734 - كانون الثاني 741 م) الذي أعقب عبد الملك بن قطن في ولاية الأندلس. وتتفق كل من المصادر العربية
= وقارن: فجر الأندلس، ص 269 - 270؛ سالم، المرجع السابق، ص 143؛ الحجي، المرجع السابق، ص 197 - 198؛ خليل إبراهيم صالح، جهاد المسلمين وراء جبال البرتات في المصادر العربية، مجلة دراسات في التاريخ والآثار، العدد 2، 1982، ص 193 - 205، حيث يحلل أحداث هذه الحملة شأنها شأن بقية الحملات الأخرى على ضوء المصادر العربية فقط. [49] انظر: العبادي، في تاريخ الأندلس والمغرب، ص 88 - 89؛ الحجي، المرجع السابق، ص 199 - 202 - 203. [50] ابن الأثير، ج 5، ص 181؛ المقري ج 1، ص 236، ج 3، ص 19. [51] (تاريخ غزوات العرب، ص 104) Reinaud, op. cit., p. 405.
فجر الأندلس، ص 276؛ سالم، المرجع السابق، ص 146.
اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 61