اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 52
أدى إلى تمسك المسلمين بهذه المدينة. يضاف إلى ذلك، أن مناخ أربونة يشبه مناخ المدن العربية، أي أنها لطيفة الشتاء، حارة القيظ لولا نسمات البحر المجاور. وتكثر فيها حاصلات المناطق الحارة مثل الكروم والتين والزيتون والصبير [18]. ونتيجة لهذا، فقد عُدت أربونة أقصى ثغور الأندلس، تتجمع فيها النجدات والحملات المتجهة إلى فرنسا، بعد أن تمر بالقاعدة الجنوبية الأخرى، وهي برشلونة في الشمال الشرقي من شبه الجزيرة الآيبرية [19].
الفتوح فى عهد عنبسة بن سحيم الكلبي:
أقام الجنود الراجعون من الحملة على جنوبي فرنسا عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي والياً على الأندلس، وكانت هذه ولايته الأولى التي لم تستمر سوى فترة قصيرة جداً (من ذي الحجة 102 - صفر 103 هـ/ حزيران 721 - آب 721 م)، وذلك لأن عامل افريقية استبدله بوال آخر هو عنبسة بن سُحَيم الكلبي الذي وصل الأندلس في صفر 103 هـ/ آب 721 م [20]. وكانت الأندلس تعاني من الاضطراب بسبب الهزيمة التي أصابت المسلمين في جنوب فرنسا، وبسبب النزاع المستمر بين القبائل العربية. لذلك فقد قضى عنبسة فترة السنوات الأولى من ولايته في تنظيم وتهدئة البلاد. ويضاف إلى ذلك، أنه وجه جهوده للقضاء على التمرد في جليقية، كما أشرنا إلى ذلك سابقاً. وكان عنبسة ذا حماس للفتوح، وللسير في الطريق التي سلكها السمح من قبله. وكان يرمي إلى الحفاظ على منطقة غالة القوطية، وحماية خطوط مواصلات العرب مع أربونة. ولهذا، فلم تكد الأمور تستقر له، حتى سار بجيش عظيم نحو بلاد غالة، أو جنوب فرنسا، وحاول تدعيم خط الدفاع أمام أربونة. فحاصر مدينة قرقشونة، وافتتحها بعد فترة وجيزة، وذلك بعد أن نزل المدافعون عن البلد على شروطه. فعقد معهم معاهدة صلح وافقوا بموجبها على منح نصف المدينة وما حولها للمسلمين، وأن يدفعوا الجزية، ويطلقوا سراح جميع الأسرى المسلمين الموجودين في المدينة، وأن يلتزموا بروح هذه المعاهدة، وذلك بمقاتلة أعداء المسلمين ومحالفة أصدقائهم [21]. واستولى عنبسة بعد هذا على جميع غالة [18] المرجع نفسه، ص 64 - 65. [19] انظر: خليل السامرائي، المرجع السابق، ص 126 - 127. [20] ابن القوطية، ص 13؛ أخبار مجموعة، ص 24، ابن عذاري، ج 2، ص 27؛ المقري، ج 1، ص 235. [21] (ملحق رقم 4 لكتاب أخبار مجموعة). The Chronicle of Moissac, p. 165
وانظر: ابن عذاري، ج 2، ص 27، المقري، ج 1، ص 235.
اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 52