responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 344
عصر الطوائف، لأن دولة المرابطين اعتمدت الدين في كثير من أمورها، وأنها وجهت نشاطها إلى مجاهدة الإسبان، وكذلك مرت الأندلس بفترة من الجد وتركت الحياة التي اعتادت عليها في أيام الطوائف، مما أدى إلى تغير نوعي في مستوى الحياة الأندلسية، وبخاصة الأدبية منها. فلم نر ذلك التحرر والانطلاق في نظم الشعر الذي يمثل التغزل بالطبيعة وجمالها، ووصف جمال المرأة، وبعض مظاهر الحياة الإجتماعية الماجنة [194].
وعلى هذا الأساس وجهت اتهامات إلى المرابطين بعدم الذوق الأدبي، وكسوف شمس الأدب في عهدهم، بل غولي بالأمر إلى حد اتهامهم بعدم معرفة اللسان العربي [195]. إن مثل هذا الاتهام يمثل بعض وجوه العصبية الأندلسية لتبيان حالة أهل المغرب بأنهم أقل حضارة وأقل نصيباً في تقدير الشعر من أهل الأندلس، فالأمر لا يعدو أكثر من نقمة الأندلسيين على المرابطين، بأكثر مما يدل على تغير من حال الأدباء والشعراء. فالشعراء الذين كانوا في ظل أمراء الطوائف أكثرهم أدرك عصر المرابطين وعاش الكثير من أحداثه، وبذلك يمكن نفي مثل هذا الاتهام، والجزم بأن الشعر الأندلسي لم يمت في عصر المرابطين، وأن كل ما حدث: أن الشعر كيَّف نفسه بما يلائم الظروف الجديدة التي أحاطت به [196].
لقد كان قدوم المرابطين إلى الأندلس بداية عهد جديد يؤذن بتواري العاهل الأندلسي وقيام عاهل مرابطي لكل منهما ذوقه الأدبي، وموقفه من الشعر والشعراء، فلا ينكر أن طبقة الشعراء أصبحت في الظل على عهد المرابطين وتقدمت عليها طبقة الفقهاء [197]. فنرى نتيجة ذلك أن بعض شعراء الأندلس أمثال ابن خفاجة (توفي عام 533 هـ) وابن أخته يحيى بن عطية بن الزقاق (توفي عام 529 هـ) لم يتأثروا كثيراً بقدوم المرابطين، كما كان حالهم في عصر الطوائف [198]، وكذلك دفع الأمر بعض أدباء الأندلس إلى جمع تراثهم الأدبي والحفاظ عليه من الضياع فصنف ابن بسام (توفي عام 542 هـ) كتابه المشهور (الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة) وصنف الفتح بن خاقان (توفي عام 535 هـ) كتابي قلائد العقيان ومطمح الأنفس. وقد أشار ابن بسام -بصورة خاصة-

[194] حركات، المغرب عبر التاريخ، ص 394 - الطاهر أحمد مكي، دراسات عن ابن حزم، ص 48 وما بعدها.
[195] محمد عبد المنعم خفاجة، قصة الأدب في الأندلس، ج 2، ص 338.
[196] إحسان عباس، تاريخ الأدب الأندلسي، ص 79.
[197] سعد إسماعيل شلبي، دراسات أدبية في الشعر الأندلسي، ص 153.
[198] سعد شلبي، دراسات أدبية، ص 154.
اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 344
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست