اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 137
المسيحية. وقد وجد بلاي الفرصة سانحة لتوطيد أمره وسلطانه في هذه المناطق الجبلية التي هجرها المسلمون منذ تمرد البربر. وأخذ يغير على المناطق الإسلامية المتاخمة، خاصة بعد أن انشغل المسلمون بالفتنة بين أبي الخطار والصميل بن حاتم الكلابي، فقوي مركزه، وثبتت أقدام المملكة الجديدة.
استمر بلاي في حكم مملكة أشتوريش إلى وفاته في عام 119هـ/737 م، ثم ورثه ابنه فافيلا، الذي دام حكمه سنتين فقط، حيث قتله دب تعرض له في الصيد [10]. وكان الدوق بتروس، دوق كنتبرية، قد توفي في ذلك الحين أيضاً، فورثه ابنه أذفونش (ألفونسو الأول) الملقب بالكاثوليكي. وقد توطدت أواصر التحالف بين إمارة كانتبرية ومملكة أشتوريش وذلك بتزوج ألفونسو من ابنة لبلاي تدعى أرمسندا Ermesinda [11] . ثم اختار أهل جليقية ألفونسو ملكاً عليهم، فقام على أثر ذلك اتحاد بين الإمارتين، وقامت منهما حكومة واحدة هي مملكة ليون، أو مملكة جليقية، كما تسميها الرواية الإسلامية.
ويعد ألفونسو الأول المؤسس الحقيقي لإسبانيا النصرانية، فقد وسعها، وقواها، وأزاح عنها خطر الدولة العربية الإسلامية في الأندلس إلى حين، فحكم في ظروف مؤاتية (121 - 140 هـ/739 - 757 م)، لأن الخلافات الداخلية كانت قد شغلت المسلمين عنها لسنوات طويلة. فانتهز ألفونسو فرصة تمرد البربر، ونزوحهم من المناطق التي كانوا قد سيطروا عليها في أشتوريش وكنتبرية وجليقية، وكذلك هجرة الكثير من العرب الذين كانوا يستقرون في هذه النواحي، وهلاكهم نتيجة للفتنة التي وقعت بينهم وبين البربر. يضاف إلى ذلك فقد حل القحط بالأندلس سنة 133 هـ/750 م واستمر لعدة سنوات، وكان تأثيره شديداً على المناطق الشمالية، فجلا كثير من المسلمين عن هذه الأنحاء مخلفين منطقة واسعة تفصل بين جليقية وأراضي المسلمين. فاجتاح الإسبان هذه المناطق، وقتلوا من بها من المسلمين، وأخرجوا البقية عن جليقية كلها، وعن استورقة وغيرها من المناطق حتى نهر دويرة Duero [12] . وهكذا خسر المسلمون مراكز هامة مثل ليون Leon، وسمورة Zamora، وشلمنقة Salamanca، وشقوبية Segovia، وأبلة Avila، وغيرها، وكلها أماكن بذلت الجيوش العربية الفاتحة الكثير من الجهد والعناء في فتحها، [10] ابن الخطيب، أعمال الأعلام، ص 323. [11] المصدر نفسه، ص 223؛ وانظر أيضاً: مؤنس، المرجع السابق، ص 344. [12] انظر: أخبار مجموعة، ص 28، 62؛ مؤنس، المرجع السابق، ص 345 فما بعدها.
اسم الکتاب : تاريخ العرب وحضارتهم في الأندلس المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 137