responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 57
أما في الناحية اليسرى وهي الأكبر فيمتد المجرى المائي الأساسي فيها نحو1160 مترًا، وتتفرع من الحوض الذي ينتهي إليه 14 ترعة يبلغ عرض الواحدة منه نحو ثلاثة أمتار. وقد فتحت في أعلى الجانب الأيسر لسد حبابض أربع فتحات تساعد على تصريف المياه الزائدة عن المنسوب المطلوب، وتؤدي إلى تخفيض ضغط المياه على جدار السد نفسه. وقد اتبعت فكرة الأهوسة في الفتحات أو البوابات خلال مراحل التقدم المعماري التالية. فشق في الكتفين الجانبيين لكل بوابة تجويفان رأسيان يمتدان بارتفاعها لتنزلق فيهما كتل الأخشاب الصلبة حين يراد قفل البوابة. وترفع فيهما إلى أعلى حين فتحها. ولا تقل طرق البناء المتمثلة فيما بقي سليمًا من السد دلالة على براعة المعماريين، فقد شيد في عصر اكتماله من أحجار ضخمة قطعت من جبل البلق وثبتت في مداميكها بمونة صلبة. وربط أحيانًا بين بعض أحجارها وبعض آخر في مداميكها بمونة صلبة. وربط أحيانًا بين بعض أحجارها وبعض آخر بقضبان من النحاس المنصهر والرصاص المنصهر رغبة في زيادة ترابطها وتماسكها. وقد يقارن لهذا استخدام ذي القرنين لمصهور الحديد والنحاس في بناء سد دفاعي كبير، انظر سورة الكهف آية96.
والمرجح أن جانبي وادي أذنة اللذين انتفعا بمشروع سد مأرب هما اللذان عناهما القرآن الكريم بقوله: {لَقَد كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ، جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ، كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ * بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ... } ولا تزال آثار القرى التى انتفعت بالمجرى الأيمن لسد مأرب تدل على عمرانها القديم وإن تخربت الآن إلى حد كبير، ومنها مدينة النحاس وخرابة مروث ومحرم بلقيس والعمايد. وكانت مأرب أكثر انتفاعًا بالمجرى الأيسر، وقد أطلقت النصوص على منطقته اسم يسرن.
والواقع أن روعة وضخامة سد مأرب بأجزائه كما سبق وصفها تدعوان إلى الشك فيما إذا كان قد بدأ هكذا منذ عهد منشئه سمهو عالي ينوف وعهد حفيده البعيد يثع أمر بين، أم أن شقي المشروع بدءا متواضعين في عهديهما ثم زاد اتساعهما وارتفاعهما وتقويتهما في عهود من تبعوهما من المكربي والملوك، ولعل هذا الرأي الأخير هو الأرجح. فقد أصلحت جدران السد أكثر من مرة بعد أن تعرضت للتهدم نتيجة لتراكم الإرساب خلفها حينًا، وبتأثير عامل الزمن في مبانيها حينًا، وشدة السيول حينًا آخر. وسجل عدد من الحكام السبئيين أخبار مرات الإصلاح التى تمت في عهودهم. وكان من ذلك على سبيل المثال أن أعيد بناء الهويس الشمالي في عهد الملكين ذمر عالي يهابر وتأران بعد القرن الميلادي الأول. واتخذت الفتحات الشمالية للسد صورتها النهائية في عهد الملك

اسم الکتاب : تاريخ شبه الجزيرة العربية في عصورها القديمة المؤلف : عبد العزيز صالح    الجزء : 1  صفحة : 57
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست