اسم الکتاب : تطور الصحافة المصرية 1798 - 1981 المؤلف : عبده، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 303
المصرية عقب القرار الخاص بمصادرتها وتدعو علانية إلى وسائل العنف وتتمنى أن يكون بين المصريين من يستطيع ولو بأقسى الوسائل إبطال هذه الصفقة ونقض هذه البيعة -وهي تقصد صفقة القرض التي كان يتفاوض فيها نوبار باشا- ويكشف لهذا الوزير "وللمغرورين أمثاله حقيقة الوطنية ويرفع الحجاب عن واجبات الملية لا حول ولا قوة إلا بالله، إن المولعين بحب الحياة يقضونها من خوف الذل في ذل ويعيشون من خوف العبودية في العبودية ويتجرعون مرارًا سكرات الموت في كل لحظة خوفًا من الموت، لا الدين يسوقهم إلى مرضاة الله ولا الحمية الوطنية تدفعهم إلى ما به فخار بني الإنسان"[1].
وهذا لون من المعارضة التي قل مثيلها في أعدادها جميعًا، وقد صدر من العروة الوثقى ثمانية عشر عددًا بلغ فيها أدب الشيخ محمد عبده الذروة من حيث قوة العبارة وروعة الأسلوب ودقة المعنى، وقد أفلت في 26 ذي الحجة عام 1301 الموافق 26 أكتوبر 1884 وعاد بعدئذ الأستاذ الإمام إلى مصر وشغل بعض المراكز الكبيرة كنصب الإفتاء أو التدريس في الأزهر أو المساهمة في المجالس النيابية.
لم يعد للصحافة المصرية في أثر من في الخارج إلى صحيفة يعقوب بن صنوع ولم يكن له أي أمل في العودة إلى بلاده فكانت صحفه وثيقة اتهام له، سواء أمام الاحتلال أو الحاكم الشرعي لمصر، وقد أتيح للصحافة ورجال الرأي في مصر من الحرية ما سمح لها ولهم بالحياة والتقدم ولم يكن هناك داعٍ؛ لأن يقوم جهاد الوطنيين على صحف تصدر في الخارج.
وبعد ثمانية وعشرين عامًا من اختفاء "العروة الوثقى" اضطر محمد فريد بك رئيس الحزب الوطني وكان طريد السجن السياسي أن يكافح من أجل مصر في خارج مصر، فقد غلقت صحف الحزب الوطني جميعًا وطورد رجاله واشتدت السلطات في التضييق على حرية الرأي والكتابة، وأخيرًا نزل محمد [1] العروة الوثقى في 5 يونيو 1884.
اسم الکتاب : تطور الصحافة المصرية 1798 - 1981 المؤلف : عبده، إبراهيم الجزء : 1 صفحة : 303