responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 94
الوليد، فحق عليك أن تقيم عليه الحد، قال: فقال لي: ابن أختي، أدركت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قال: فقلت: لا، ولكن خلص إليَّ من علمه واليقين ما يخلص إلى العذراء في سترها، قال: فتشهد ثم قال: أما بعد، فإن الله بعث محمدا بالحق، فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن بما بعث محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم هاجرت الهجرتين كما قلت، ونلت صهر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم استخلف بعده أبو بكر فبايعناه فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم استخلف عمر فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله، ثم استخلفني الله أفليس لي عليكم مثل الذي كان لهم عليَّ؟ قال: فقلت: بلى، قال: فما هذه الأحاديث التي تبلغني عنكم؟ فأما ما ذكرت من شأن الوليد فسنأخذ فيه -إن شاء الله- بالحق، قال: فجلد الوليد أربعين سوطا، وأمر عليا بجلده فكان هو يجلده [1].
لقد لازم ذو النورين النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستفاد من علمه وهديه، مما جعله من كبار علماء الصحابة رضي الله عنهم جميعا، وكان - رضي الله عنه - قادرا على توجيه رعيته توجيها مفيدا، وتعليمهم واجباتهم ونقل آرائه النابعة من علمه وخبرته وتجاربه وممارسته إليهم؛ حتى يرتقوا في مجال الدعوة والتربية والتعليم والجهاد والاستعداد للقاء الله عز وجل.
ومن توجيهات عثمان - رضي الله عنه - ما تضمنته خطبة خلافته التي قال فيها بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنكم في دار قلعة، وفي بقية أعمار فبادروا آجالكم بخير ما تقدرون عليه، فلقد أتيتم صبحتم أو مسيتم، ألا وإن الدنيا طويت على الغرور، فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور، واعتبروا بمن مضى ثم جدوا ولا تغفلوا، أين أبناء الدنيا وإخوانها الذين أثاروها وعمروها ومتعوا بها طويلا؟ ألم تلفظهم؟ ارموا الدنيا بالذي هو خير [2] , قال تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكَانَ اللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقْتَدِرًا - الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلاً} [الكهف: 45، 46].
ولقد كان المعنى الذي يدور حوله توجيه الخليفة الثالث - رضي الله عنه - في هذه الخطبة هو الحض على الإقبال على الله والزهد في الدنيا، وهذا هو المناسب لخطبته في

[1] فضائل الصحابة (1/ 597) رقم (791)، إسناده صحيح.
[2] البداية والنهاية (7/ 153).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 94
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست