اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 53
أن يقدم إلى بيت المقدس ليفتحه، فاستشار عمر الناس، فأشار عثمان بأن لا يركب إليهم ليكون أحقر لهم، وأرغم لأنوفهم، وقال لعمر: فأنت إن أقمت ولم تسر إليهم رأوا أنك بأمرهم مستخف ولقتالهم مستعد، فلم يلبثوا إلى السير حتى ينزلوا على الصغار ويعطوا الجزية [1]. وأشار عليٌّ بالمسير، فهوى عمر ما قال علي ليكون أخف وطأة على المسلمين في حصارهم [2].
لقد كانت مكانة عثمان في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- كمكانة الوزير من الخليفة، وإن شئت فقل: هي مكانة عمر من أبي بكر في خلافته. وقد صنع الله لأبي بكر بوزارة عمر لخلافته ما يصنعه لخير أهله، وصنع لعمر بوزارة عثمان لخلافته ما يصنعه لخير أهله، فقد كان أبو بكر أرحم الناس بالناس، وكان عمر أشدهم في الحق، فمزج الله رحمة الصديق بشدة عمر، فكانت منها خلافة الصدق وسياسة العدل، وقوم الحزم. وكان عثمان - رضي الله عنه - أشبه بالصديق في رحمته، وكان عمر على سننه في شدته، فلما تولى بعد أبي بكر جعل الله له في وزارة عثمان لخلافته عوضًا من رحمة الصديق ورفقه، فكان منهما تلك الأمثال المضروبة في أنظمة الحكم وسياسة الأمة أحكم سياسة وأعدلها. وقد عرف الناس هذه المكانة لعثمان في خلافة عمر، فهو الذي أشار على عمر بفكرة الديوان وكتابة التاريخ، كما جاء في
بعض الروايات. 1 - الديوان:
لما اتسعت الفتوحات وكثرت الأموال جمع عمر ناسا من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليستشيرهم في هذا المال، فقال عثمان: أرى مالا كثيرا يسع الناس، وإن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ منهم ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر، فأقر عمر رأي عثمان، وانتهى بهم ذلك إلى تدوين الدواوين [3].
2 - التاريخ:
جاء في بعض الروايات أن الذي أشار على عمر بجعل السنة الهجرية تبدأ بالمحرم هو عثمان، وذلك أنهم لما اتفقوا بعد مشاورات على جعل مبدأ التاريخ الإسلامي من هجرة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأنها فرقت بين الحق والباطل، تعددت الآراء في أي الأشهر يجعل بداية [1] عثمان بن عفان، لمحمد حسين هيكل، ص47، 48, نقلا عن السياسة المالية لعثمان بن عفان، ص24. [2] عثمان بن عفان الخليفة الشاكر، ص63. [3] تاريخ الطبري (5/ 203)، عثمان بن عفان، صادق عرجون، ص60.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 53