اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 265
الكوفة التي عزل منها عمر سعد بن أبي وقاص، الكوفة التي لم ترضَ بوال أبدا؛ إذ عزل عثمان - رضي الله عنه - لأولئك الولاة لا يعتبر مطعنا فيهم بل مطعن في المدينة التي ولوا عليها [1].
إن بني أمية كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستعملهم في حياته واستعملهم بعده من لا يتهم بقرابة فيهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، ولا نعرف قبيلة من قبائل قريش فيها عمال لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أكثر من بني عبد شمس؛ لأنهم كانوا كثيرين، وكان فيهم شرف وسؤدد، فاستعمل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عتاب بن أسيد بن أبي العاص على مكة، وأبا سفيان بن حرب على نجران، وخالد ابن سعيد على صدقات بني مذجح، وأبان بن سعيد على بعض السرايا ثم على البحرين، فعثمان لم يستعمل إلا من استعمله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن جنسهم وقبيلتهم، وكذلك أبو بكر وعمر بعده؛ فقد ولى أبو بكر يزيد بن أبي سفيان في فتوح الشام، وأقره عمر، ثم ولى عمر بعده أخاه معاوية [2].
والسؤال الذي يطرح نفسه أأثبت هؤلاء كفاءتهم أم لا؟ وستأتي شهادات أهل العلم في أولئك الولاة الذين ولاهم عثمان - رضي الله عنه - بإذن الله تعالى.
إن عثمان خليفة راشد يقتدى به، وأفعاله تشكل سوابق دستورية في هذه الأمة، فكما أن عمر سن لمن بعده التحرج عن تقريب الأقربين فإن عثمان سن لمن بعده تقريب الأقربين إذا كانوا أهل كفاءة، ومن تتبع سيرة عثمان لا يشك في كفاءتهم الإدارية، وكل ما أنكر على عثمان لا يخرج عن دائرة المباح [3].
إن الولاة الذين ولاهم عثمان - رضي الله عنه - من أقاربه قد أثبتوا الكفاية والمقدرة في إدارة شئون ولاياتهم، وفتح الله على أيديهم الكثير من البلدان، وساروا في الرعية سيرة العدل والإحسان, ومنهم من تقلد مهام الولاية قبل ذلك في عهد الصديق والفاروق رضي الله عنهما [4]. ولننظر إلى أقوال أهل العلم في أولئك الولاة: [1] حقبة من التاريخ، ص75. [2] منهاج السنة (3/ 175، 176). [3] الأساس في السنة وفقهها، سعيد حوى (4/ 1675). [4] تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/ 417).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 265