اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 251
المبحث الثاني
سياسة عثمان مع الولاة وحقوقهم وواجباتهم
أولاً: سياسة عثمان مع الولاة:
تولى عثمان - رضي الله عنه - الخلافة في بداية سنة 24هـ، وكان ولاة عمر - رضي الله عنه - ينتشرون في الأمصار الإسلامية, وقد أقرهم عثمان في ولاياتهم عاما كاملا، ثم باشر بعد ذلك العزل والتعيين في هذه الأمصار بمقتضى سلطته وحسب ما يراه في مصلحة المسلمين، ولعل عثمان في ذلك قد اتبع وصية عمر - رضي الله عنه - التي أوصى فيها: أن لا يقر لي عامل أكثر من سنة، وأقروا الأشعري أربع سنين [1]. وكان عثمان - رضي الله عنه - في سياسته مع الولاة يعتمد على مشورة الصحابة في كثير من تصرفاته، كما أنه قام بضم بعض الولايات إلى بعضها لما يراه في مصلحة المسلمين، ولذلك قد حدد الولاة إلى حد ما في بعض المناطق؛ فقد ضم البحرين إلى البصرة، كما ضم بعض ولايات الشام إلى بعضها الآخر نتيجة لوفاة بعض الولاة أو طلبهم الإعفاء من العمل.
وقد كان عثمان - رضي الله عنه - دائم النصح لولاته بالعدل والرحمة بين الناس، فكان أول كتبه إلى ولاته بعد مبايعته خليفة للمسلمين: أما بعد، فإن الله أمر الأئمة أن يكونوا رعاة ولم يتقدم إليهم أن يكونوا جباة، وإن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة ولم يخلقوا جباة، وليوشكن أئمتكم أن يصيروا جباة ولا يكونوا رعاة، فإذا عادوا كذلك انقطع الحياء والأمانة والوفاء. ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين وفيما عليهم فتعطوهم ما لهم، وتأخذوهم بما عليهم، ثم تثنوا بالذمة فتعطوهم الذي لهم وتأخذوا الذي عليهم، ثم العدو الذي تنتابون فاستفتحوا بالوفاء [2].
ونحن نرى من هذا أن عثمان حدد لولاته معالم السياسة التي يجب أن يسيروا عليها، من إعطاء الحقوق للمسلمين ومطالبتهم بما عليهم من واجبات وإعطاء أهل الذمة حقوقهم ومطالبتهم بما عليهم من واجبات، وبالوفاء حتى مع الأعداء وبالعدل في ذلك كله، وأن لا يكون همهم جباية المال [3]. كما كان عثمان - رضي الله عنه - يكتب [1] سير أعلام النبلاء (2/ 391). [2] تاريخ الطبري (5/ 244). [3] الولاية على البلدان (1/ 215).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 251