responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 103
الخلافة من الضياع، فلم يجب الخارجين إلى خلع نفسه من الخلافة، فكان بذلك يمثل الثبات واستمرار النظام؛ لأنه لو أجاب الخارجين إلى خلع نفسه لأصبح منصب الإمامة العظمى ألعوبة في أيدي المفتونين الساعين في الأرض بالفساد، ولسادت الفوضى واختل نظام البلاد، ولكان ذلك تسليطا للرعاع والغوغاء على الولاة والحكام. لقد كانت نظرة عثمان - رضي الله عنه - بعيدة الغور، فلو أجابهم إلى ما يريدون لسن بذلك سنة، وهي كلما كره قوم أميرهم خلعوه، ولألقى بأس الأمة بينها، وشغلها بنفسها عن أعدائها, وذلك أقرب لضعفها وانهيارها، على أنه لم يجد سوى نفسه يفدي بها الأمة، ويحفظ كيانها وبنيانها من التصدع، ويدعم بهذا الفداء نظامها الاجتماعي ويحمي سلطانها الذي تساس به من أن تمتد إليه يد العبث والفوضى. ومما لا شك فيه أن هذا الصنع من عثمان كان أعظم وأقوى ما يستطيع أن يفعله رجل ألقت إليه الأمة مقاليدها؛ إذ لجأ إلى أهون الشرين وأخف الضررين ليدعم بهذا الفداء نظام الخلافة وسلطانها [1]. وسيأتي بيان ذلك في محله بإذن الله.
حادي عشر: الصبر:
اتصف عثمان - رضي الله عنه - بصفة الصبر، ومن المواقف الدالة على هذه الصفة ثباته في الفتنة؛ إذ كان موقفه إزاء تلك الأحداث التي ألمت به وبالمسلمين المثل الأعلى لما يمكن أن يقدمه الفرد من تضحية وفداء في سبيل حفظ كيان الجماعة، وصون كرامة الأمة، وحقن دماء المسلمين؛ فقد كان بإمكانه أن يقي نفسه ويخلصها لو أنه أراد نفسه ولم يرد حياة الأمة، ولو كان ذاتيا ولم يكن من أهل الإيثار لدفع بمن هب للذود عنه من الصحابة وأبناء المهاجرين والأنصار إلى نحور الخارجين المنحرفين عن طاعته، ولكنه أراد جمع شمل الأمة، ففداها بنفسه صابرا محتسبا، وقد أعلن عثمان - رضي الله عنه - أنه سيواجه الفتنة العارمة بالصبر الجميل [2] ممتثلا قوله سبحانه: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173].
إن عثمان - رضي الله عنه - كان قوي الإيمان بالله، كبير النفس، نفاذ البصيرة، نبيل الصبر، حيث فدى الأمة بنفسه، فكان ذلك من أعظم فضائله عند المسلمين [3]. قال

[1] تحقيق مواقف الصحابة من الفتنة (1/ 474).
[2] سير الشهداء للسخستياني، ص57، 58.
[3] تحقيق مواقف الصحابة من الفتنة (1/ 472).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 103
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست