اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 570
وكذلك سائر الأجناد والرعية [1]، ويقول ثانيهما: وقلق طغتكين لوفاة مودود على هذا الشكل وحزن حزناً شديداً وكذا سائر الناس. وذكر بعضهم أن طغتكين خاف منه فوضع عليه مَنْ قتله، وليس بصحيح، فإن طغتكين كان أحب الناس إليه، وحزن عليه حزناً لم يحزنه على أحد، وشقَّ ثوبه عليه، وجلس في عزائه سبعة أيام، وتصدق عنه بمال جزيل [2]، وقد رجح الدكتور عماد الدين خليل رواية المذكورين لأنهما من سكان الشام وبسب قربهما الزمني أو المكاني من الأحداث المذكورة واطلاعهما الشامل على دقائق العصر, الذي يتكلمان عنه.
وقال عن روايات ابن الأثير والذين نقلوا عنه والمؤرخين الغربيين: لا تعدو أن تكون استنتاجاً وتخميناً، لاسيما أن هذه ليست أول ولا آخر مرة يتصدى فيها الباطنية لاغتيال زعماء الجهاد الإسلامي؛ فضلاً عن أن انتصار مودود وحليفه في فلسطين يعود بالنفع على إمارة دمشق قبل غيرها، بما يحدثه في صفوف قوات بيت المقدس من إرباك وبما يقدمه لأتابكية دمشق وأراضيها من حماية [3] , وإلى ما ذهب إليه الدكتور عماد الدين خليل أميل. ودافع الدكتور السيد عبد العزيز سالم وابنته الدكتورة سحر عبد العزيز دفاعاً مستميتاً عن براءة طغتكين في كتابهما «تاريخ مصر الإسلامية حتى نهاية العصر الفاطمي» [4]. ولقد كان ظهير الدين طغتكين من أمراء السلطان تتش بن ألب أرسلان السلجوقي الذي زوجه بأم ولده دُقاق، وبعد مقتل تتش تولى ابنه دقاق، وصار طغتكين مقدم عسكره، ثم تملك بعد دقاق، وكان شهماً شجاعاً مهيباً مجاهداً في الفرنج، مؤثراً للعدل [5]. ولولا أن الله أقام طغتكين للإسلام بإزاء الفرنج، [6] لكانوا غلبوا على دمشق، فقد هزمهم غير مرة، وأنجده عسكر الموصل مع مودود، ومع البرسقي، وكان قد سار إلى بغداد في خدمة السلطان محمد بن ملكشاه، فبالغ في احترامه [7]، ولقد واجه طغتكين الصليبيين للدفاع عن إمارته أكثر من مرة، ونازلهم في أكثر من موقع، فقد استرد بصرى وصرخد/ 498هـ, وحاصر حصن (علعال) قرب طبرية وهدمه وقتل حاميته / 499هـ, وخرج إلى طبرية وأسر صاحبها، وقتله في دمشق/500هـ ([8])،
وانضم عام 506هـ إلى قوات شرف الدولة مودود صاحب الموصل، [1] تاريخ دمشق، ص 187، 188. [2] مرآة الزمان (8/ 51). [3] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، ص 123. [4] تاريخ مصر الإسلامية حتى نهاية العصر الفاطمي، ص 473 إلى 475. [5] الجهاد والتجديد في القرن السادس الهجري، ص 120. [6] المصدر نفسه، ص 120. [7] سير أعلام النبلاء (19/ 519). [8] الجهاد والتجديد، نقلاً عن الكامل في التاريخ, ص 121.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 570