اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 550
ملكشاه، فخلت الموصل من أحد الزعماء الذين لم يشغلهم النزاع القائم بين السلاجقة عن مواصلة العمل على بعث فكرة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين [1].
2 - جهاد جكرمش صاحب الموصل وسقمان بن أرتق صاحب ماردين وديار بكر: جعلت وفاة أتابك الموصل كربوقا الموقف مائعاً وأدت إلى إثارة الحرب الأهلية, ذلك أن كربوقا أوصى بالولاية من بعده إلى سُنقرجه، وهو أحد أمرائه، وأمر الأتراك بطاعته لكن نازعه موسى التركماني نائبه في حصن كيفا، بعد أن استدعاه أعيان الموصل، واستطاع أن يقتل منافسه ويفوز بحكم الموصل بوصفه نائباً عن السلطان بركيارق [2]، واستغل شمس الدولة جكرمش صاحب جزيرة ابن عمر فرصة الاضطرابات، ليتدخل في النزاعات الداخلية، فزحف إلى نصيبين واستولى عليها، فهرب موسى إلى الموصل وتحصَّن بها، وهناك حاصره جكرمش مدة طويلة واضطر موسى إلى الاستعانة بسقمان الأرتقي في ديار بكر، فعرض عليه إعطاءه حصن كيفا ومنحه عشرة آلاف دينار، مقابل مساعدته، فقَبِل سقمان هذا العرض وقَدم له مساعدة عسكرية فاضطر جكرمش إلى فك الحصار عن الموصل, ولما خرج موسى لاستقبال سقمان، قتله بعض غلمانه في الطريق فتشتَّت جيشه، وعاد سقمان مسرعاً إلى حصن كيفا، فاستولى عليه بينما تقدم جَكَرمش إلى الموصل ودخلها وسط ترحيب سكانها [3].
تولى جكرمش إمارة الموصل عام 495هـ - 500هـ/1101 - 1106م وعقد تحالفًا مع سقمان بن أرتق أمير الأراتقة في ديار بكر، استهدف التصدي لتقدم الصليبيين شرقاً باتجاه قلب الجزيرة، إذ كان للانتصارات السريعة التي أحرزها الصليبيون، واعتزامهم الاستيلاء على حران الواقعة مفرق الطرق إلى العراق والجزيرة والشام، مستغلين فرصة الصراع بين الأمراء المسلمين، فضلاً عما يعنيه الاستيلاء على حران من قطع الصلة بين المسلمين في بلاد فارس والعراق والجزيرة والشام، وإعطاء الصليبيين فرصة لمهاجمة الموصل، وتأمين الرها، والسيطرة على إقليم الجزيرة، كان لهذه العوامل جميعاً الأثر الحاسم في تناسي كل من جكرمش وسقمان خلافاتهما القديمة، والعمل معًا لإيقاف تقدم الصليبيين [4].
أ - معركة البليخ وانتصار المسلمين على الصليبيين «وتسمى معركة حران»:
أرسل كل من جكرمش وسقمان إلى صاحبه يدعوه إلى الاجتماع لتلاقي أمر حران ويعلمه أنه قد بذل نفسه لله تعالى وثوابه فأجاب كل منهما صاحبه، واجتمعا على الخابور عند رأس [1] تاريخ الزنكيين في الموصل وبلاد الشام، ص 62. [2] المصدر نفسه، ص 63. [3] المصدر نفسه، ص 63. [4] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، عماد الدين خليل, ص 95.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 550