اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 546
بنو الشرك لا يُنكرون الفساد ... ولا يعرفون مع الجور قصداً
ولا يردعون عن القتل نفساً ... ولا يتركون من الفتك جُهداً
فكم من فتاة بهم أصبحت ... تدق من الخوف نحراً وخداً
وأم عواتق ما إن عرفن ... حرا ولا ذقن في الليل برداً
تكاد عليهنَّ من خيفة ... تذوب وتتلف حزناً ووجدا
وبعد أن وصف الشاعر حال المشركين وقسوتهم، وحال المسلمين معهم بدأ يحرض عضد الدولة على الجهاد فقال:
فحاموا عن دينكم والحريم ... محاماة من لا يرى ألموت فقداً
وسُدُّوا الثغور بطعن النحور ... فمن حق ثغر بكم أن يُسَدَّا
فقد أَينعت أَرؤس المشركين ... فلا تغفلوها قِطافًا وحصداً
فلابد من حدهم أن يُفلَّ ... ولابد من ركنهم أن يُهَدّا (1)
وكانت لجهود العلماء والفقهاء والقضاة والأدباء والشعراء أثر في تقوية حركة
المقاومة المسلحة والتي قادها أمراء السلاجقة, والتي سيأتي الحديث عنها بإذن الله في الصفحات القادمة.
ثالثاً: قادة الجهاد من السلاجقة قبل عماد الدين زنكي:
من الحقائق المسلم بها في تاريخ الحركة الصليبية، أن حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين انبعثت لأول مرة في بلاد المشرق الإسلامي من منطقة الجزيرة, وهي تقع بين دجلة والفرات مجاورة لبلاد الشام, وتشتمل على ديار مضر وديار بكر، وسميت الجزيرة لوقوعها بين نهري دجلة والفرات، وتمتاز منطقة الجزيرة بأنها صحية الهواء جيدة الريع والنماء، واسعة الخيرات، بها مدن جليلة وحصون منيعة وقلاع كثيرة [2]، ومن الأسباب التي جعلت حركة المقاومة نبعت من منطقة الجزيرة هي:
- إن منطقة الجزيرة أول اقطار المسلمين في المشرق الإسلامي أكتوت بنار الخطر
(1) ديوان ابن الخياط، ص 182 وما بعدها. [2] الجهاد ضد الصليبيين في الشرق الإسلامي، ص 135، نور الدين محمود والصليبيون، حسن حبشي، ص11.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 546