responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 492
موت ريموند الضجلي متأثراً بحروقه التي أصيب بها أثناء حريق هذه القلعة في جمادي الأولى سنة 498هـ/فبراير 1105م, ولكن الفرنج كانوا قد صمموا بعد ذلك على استئناف الحصار البري حول مدينة طرابلس عن طريق قلعة صنجيل فاضطر القاضي ابن عمار إلى طلب نجدة عاجلة من سقمان بن أرتق التركماني، صاحب حصن كيفا ([1]
فلم يدخر وسعاً في التحرك تجاه طرابلس، ولكنه توفى في الطريق، فانقطع بذلك آخر أمل لابن عمار في الحصول على مساعدة خارجية تمكنهم من إنقاذ طرابلس [2] فاضطر القاضي ابن عمار إلى أن يعتمد على أهالي المدينة فأخذ يعد العدة استعداداً لمواجهة الصليبيين بقدر الإمكانيات المتاحة في المدينة، فقام بجمع الأموال من بعض التجار الأغنياء من سكان طرابلس ووزعها على المجاهدين ليسد العجز الناتج عن كثرة ما سبق أن قدمه للصليبيين من أموال وذهب عندما عقد الهدنة معهم, وعلى الرغم من أن هذا المسلك الذي اتبعه القاضي ابن عمار مع التجار يعتبر تصرفاً ضرورياً شرعياً لاستكمال العدة وتجهيز الجيش بما يلزمه من معدات لمواجهة العدو [3]، فإنه لم يقم بذلك من فراغ وإنما من واقع مسئوليته التي تحتم عليه كحاكم للبلاد أن يستعين بأموال الرعية أو الاقتراض من التجار والأغنياء لسد هذا العجز في الأموال الموجودة بالبلد لمصلحة الإسلام والمسلمين. وعلى الرغم من كل ذلك فإن هؤلاء التجار المسلمين قد خرجوا إلى الصليبين وقالوا لهم: إن صاحبنا صادرنا فخرجنا إليكم لنكون معكم [4]، ولم يكتفوا بذلك التصرف المشين، وإنما كشفوا للصليبيين عن الأماكن التي ترد منها الميرة والمؤن لابن عمار. فعلوا هذا بدلاً من أن ينفقوا أموالهم في سبيل الله عملاً بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُّلُّكمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ - تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 10، 11].
وعلى الفور قام الصليبيون بتشديد الحصار على هذه الأماكن التي كشفها أولئك التجار حتى يمنعوا دخول أي شيء إلى البلد، فيضطر ابن عمار وأهل طرابلس للاستسلام لهم, ولكن على الرغم من ذلك فقد استمرت المدينة في مقاومتها للحصار ثلاث سنوات أخرى بفضل الله ثم بعزيمة ابن عمار وقوة إيمان أهل طرابلس ورفضهم الاستسلام من ناحية, وافتقار الصليبيين إلى أسطول بحري يحكم الحصار على طرابلس من جهة البحر من

[1] هي بلدة وقلعة عظيمة مشرفة على نهر دجلة بين آمد وجزيرة ابن عمر من ديار بكر وهي لصاحب آمد من ولد داود بن سقمان بن أرتق.
[2] ذيل تاريخ دمشق، ص 146 - 147, وفيات الأعيان (1/ 191).
[3] دور الفقهاء والعلماء والمسلمين في الشرق الأدنى، ص 88.
[4] الكامل في التاريخ (8/ 491).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 492
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست