اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 488
وألقوا الشعر في ديوان الخليفة في بغداد يحثون فيه أولي الأمر على سرعة إنجاد أهل الشام حماية للدين وللمحارم، فاضطر الخليفة إلى الاستجابة وقام بندب الفقهاء للخروج إلى البلاد لتحريض الملوك على الجهاد. وعلى الرغم من قيام الفقهاء بالمهمة على الوجه الأكمل، فإن ذلك لم يأت بطائل ولم يحرك ساكنا، فعاد الفقهاء إلى بغداد [1]، وجدير بالذكر أن المؤرخ ابن الأثير قام بالتعقيب على حالة التفكك التي أصابت العالم الإسلامي في تلك الفترة، والتي أدت إلى ضياع صرخات واستغاثات المسلمين بلا استجابة من قبل أولى الأمر، فأرجعها إلى اشتغال الحكام والملوك المسلمين وعساكر الإسلام بقتال بعضهم بعضاً، مما ساعد على تفرق المسلمين واختلاف الأهواء وتمزق الأموال [2].
9 - فشل الفاطميين في استعادة بيت المقدس: كان سقوط بيت المقدس في أيدي الصليبيين بمثابة الضربة القاصمة التي وجهت إلى العالم الإسلامي بصفة عامة، وإلى الدولة الفاطمية بصفة خاصة, وبرز صراع على المصالح بين الفاطميين والصليبيين, فأخذ الوزير الفاطمي الأفضل بن بدر الجمالي يفكر جدياً في استعادة هذا الجزء من الأراضي الإسلامية، فأخرج من مصر ثلاث حملات حربية في الفترة الممتدة من 495 - 499هـ/1101 - 1105م موجهة ضد القوات الصليبية الموجودة في فلسطين لكي يثبت للصليبيين مدى يقظة الدولة الفاطمية وغيرتهم على كل شبر من الأراضي التابعة لهم، ولكن باءت هذه المحاولات الثلاث بالفشل، ولم تحقق الهدف المنشود لها وهو استعادة بيت المقدس. وفي أثناء محاولة الصليبيين صد هذه الحملات الثلاث بقيادة بلدوين الأول ملك بيت المقدس، قام بعض رجال الدين المسيحي بأدوار بارزة لحث الصليبيين على الشجاعة والوقوف بصلابة في مواجهة الجيوش الفاطمية، مستخدمين في ذلك كل الوسائل كالمشاركة في حمل السلاح للقتال، والوعظ والخطب في جموع الصليبيين، وحمل الصلبان أمام الجيوش لتحميس الصليبيين على القتال بشجاعة، ومن تلك المواقف التي سجلت لرجال الدين المسيحي موقف رئيس الشمامسة - أرنول مالكورن - الذي خطب خطبة حماسية لإثارة مشاعر المقاتلين لصد حملة المصريين على الرملة سنة 495هـ/1101م، وكذلك ما قام به المندوب البابوي موريس من تلاوة نصوص لإدخال الطمأنينة في نفوس المقاتلين بعد أن انتابهم الرعب عندما رأوا ضخامة القوات الفاطمية، ثم قام الملك بلدوين بعد ذلك بحمل الصليب المقدس أمام المقاتلين الصليبيين ليدخل الطمأنينة في نفوسهم، وخطب في المقاتلين خطبة دينية أعاد لهم الثقة بأنفسهم وتمسكهم بالأمل في النصر [3]. [1] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدنى، ص 248. [2] المصدر نفسه نقلا عن الكامل في التاريخ، ص 248. [3] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدنى، نقلا عن الكامل في التاريخ، ص 249.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 488