responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 487
يصيحون ويهتفون فوق الأسوار، ويدقون طبولهم في ضجيج وصخب وجعلوا المسيحيين عرضة لكل ما يستطيعون ويقدرون عليه من سخرية واستهزاء [1]، ويستكمل توديبود وصفه قائلاً: وكان أسوأ ما في الأمر أن المسلمين أقدموا على تحطيم الصليب المقدس بقطعة من الخشب أمام أعين المسيحيين جميعاً .. ذلك الصليب الذي أراق المسيح دمه عليه وافتدى بذلك خلاص البشرية جميعاً .. وإمعاناً في أذية المسيحيين فقد قذفوا بحطامه من فوق الأسوار وهم يصيحون استهزاء بالصليب [2]، وعندئد ازداد حماس الصليبيين فقاموا بهجوم شامل على بيت المقدس في اليوم التالي للمسيرة، وسقطت المدينة في أيديهم على الرغم من المقاومة العنيفة التي قام بها المسلمون لصد الصليبيين عن مدينتهم، ولما دخل الصليبيون المدينة قاموا بعمل مذبحة رهيبة لكل من وجدوه بالمدينة [3].
وهكذا يتضح لنا كيف كان رجال الدين المسيحي يستغلون قوة تأثير العامل الديني على عقول المسيحيين فيقومون بترويج الشائعات والأساطير ذات الطابع الديني لإثارة مشاعر المقاتلين ارتفاعاً والتفاني في القتال حتى ينتصروا ويحققوا أغراضهم وأطماعهم الاستعمارية في الأراضي المقدسة، هذا في الوقت الذي لم نعثر فيه في بطون المصادر الإسلامية ما يفيد عن دور جدي للفقهاء والعلماء في تلك الفترة الزمنية يعتمد على إلقاء الخطب الحماسية التي تذكر المقاتلين بأمجاد المسلمين الأول وانتصاراتهم أيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين - رضوان الله عليهم - من بعده فتزداد حماستهم وترتفع روحهم المعنوية؛ مما يساعد على مواصلة القتال والانتصارات على أعداء الدين, وتحرير بلادهم من براثن الاستعمار الصليبي، ولعل ذلك مرجعه إلى هول المفاجأة التي أصابت العالم الإسلامي وقتئذ بالعدوان الصليبي على المنطقة فضلاً عن انصراف العلماء والفقهاء لفض بعض المنازعات القائمة بين أقطاب العالم الإسلامي حينئذ وهم العباسيون والفاطميون والسلاجقة, والعمل على توحيد جهودهم لمواجهة العدو الصليبي.
ومن ناحية أخرى ربما يكون أولئك الفقهاء لم يدركوا أهمية المناطق التي استولى عليها الصليبيون مثل الرها وأنطاكية، ولكن عندما فقدوا بيت المقدس أفاقوا من هول الصدمة وبدأوا يتحركون ويباشرون جهودهم, فقام كثير من الفقهاء والعلماء والقضاة في بلاد الشام بدور كبير في توعية الناس في كل مكان بهذا الخطر الفظيع، وبضرورة الوقوف صفاً واحداً لصد هذا العدوان الغاشم، فخرجت جماعات كثيرة من مسلمي بلاد الشام وبصحبتهم الكثير من العلماء والفقهاء، واتجهوا إلى بغداد واستغاثوا بالخليفة العباسي وبالسلطان السلجوقي، واجتمعوا بالناس في المساجد وأعلموا الجميع بما لاقاه المسلمون من مذابح بشعة على أيدي الصليبيين،

[1] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدني في الجهاد ضد الصليبيين، ص 246.
[2] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدني في الجهاد ضد الصليبيين، ص 246.
[3] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدني في الجهاد ضد الصليبيين، ص 246.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 487
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست