responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 485
وكانت الأرض ذاتها مغطاة بدم القتلى، ولم يكن مشهد الجثث التي فصلت الرؤوس عنها، والأضلاع المبتورة المتناثرة في جميع الاتجاهات، هو وحده الذي أثار الرعب في كل من نظر إليها, فقد كان الأرهب من ذلك هو النظر إلى المنتصرين أنفسهم وهم ملطخون بالدم من رؤوسهم إلى أقدامهم ..
ويروى أنه هلك داخل حرم الهيكل فقط، قرابة عشرة آلاف من الكفرة بالإضافة إلى القتلى المطروحين في كل مكان من المدينة، في الشوارع والساحات، حيث قدّر عددهم أنه كان مساوياً لعدد القتلى داخل حرم الهيكل، وطاف بقية الجنود خلال المدينة بحثاً عن التعساء الباقين على قيد الحياة، والذين يمكنهم أن يكونوا مختبئين في مداخل ضيقة وطرق فرعية للنجاة من ألموت، وسحب هؤلاء على مرأى الجميع وذبحوا كالأغنام، وتشكل البعض في زمر واقتحموا المنازل حيث قبضوا على أرباب الأسر وزوجاتهم وأطفالهم وجميع أسرهم، وقتلت هذه الضحايا أو قذفت من مكان مرتفع حيث هلكت بشكل مأساوي [1].
ووصف شاهد عيان أفرنجي المذبحة التي أحدثها الصليبيون بالقدس بقوله: شاهدنا أشياء عجيبة إذ قطعت رؤوس عدد كبير من المسلمين, وقتل غيرهم رمياً بالسهام أو أرغموا على أن يلقوا بأنفسهم من فوق الأبراج .. وكنا نرى في الشوارع أكوام الرؤوس والأيدي والأقدام [2]. ووصف ذلك أفرنجي آخر كان مرافقاً للصليبيين: كان رجالنا يخوضون حتى كعوبهم في دماء القتلى [3]، وقد انطلق الصليبيون في جميع أنحاء المدينة يستولون على الذهب والفضة من داخل المساجد والدور، واستمر الصليبيون في القتل والنهب لمدة أسبوع [4]. وإصدر قادة الصليبيين أمراً بطرح جثث المسلمين خارج المدينة التي امتلأت بالجثث, فقام بهذه المهمة العدد القليل من المسلمين الذين وقعوا أسرى بيد الصليبيين ولم يقتلوا، وفقراء الجيش الصليبي مقابل راتب يومي وألقوهم أمام أبواب المدينة وتعالت أكوامهم حتى حاذت البيوت ارتفاعاً وما تسنى لأحد قط أن سمع أو رأى مذبحة مثل هذه المذبحة الصليبية. لقد رأينا، في كل شوارع المدينة وأحيائها، تلالاً من الرؤوس والأيدي والأرجل. لقد كان الناس يمشون علنا وبهدوء على جثث الرجال والخيل. ويستطرد: إنني لا أقدم -في وصف هذا- سوى القليل من الرعب الذي شاهدته، وإذا أنا وصفت كل ما شاهدته فلن تصدقوني [5].

[1] حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي، ص 71.
[2] قصة الحضارة (4/ 25).
[3] أعمال الفرنجة، ص 118, القدس عشية الغزو الصليبي، ص 122.
[4] القدس عشية الغزو الصليبي ص123.
[5] حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي، ص 73.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 485
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست