responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 482
والبروج المتنقلة نحوه، ولكن الرمايات الكثيفة التي نفذتها حامية المدينة، على هذا المحور، بمختلف أنواع الأسلحة، أعاقت تقدم المهاجمين إلى حد كبير, فبينما كان المهاجمون يجهدون لدفع بروجهم وآلات حربهم نحو السور بغية السيطرة عليه وعلى التحصينات القائمة خلفه، كان المدافعون يجهدون في عرقلة أعمال المهاجمين هذه برميهم بالقذائف المشتعلة، والنبال المحملة بالكبريت الملتهب والإسفلت والزيت، أو أي شيء آخر يزود ألسنة النيران بالوقود بالإضافة إلى ما كانت ترميه المجانيق وآلات الحرب الأخرى من نبال وسهام وحجارة ضخمة. وكان المهاجمون ينشطون في إطفاء الحرائق التي كانت تشتعل، من جراء ذلك، في آلاتهم الحربية. وهكذا انقضى اليوم كله دون أن يحقق المهاجمون تقدماً يذكر، خصوصاً أن رماياتهم على سور المدينة وتحصينات حاميتها لم تكن فعالة بالقدر الكافي، وذلك بسب التدابير التي اتخذها المدافعون عن ذلك السور وتلك التحصينات. وما أن بدأ الليل يقترب حتى بدأ النزاع يخّف ورمايات الفريقين تقّل تدريجياً، دون أن يتخلى أي منهما عن حذره وسلاحه، ومر ليل 14 - 15 والفريقان على حذرهما وسلاحهما، يرقب كل منهما تحركات خصمه لمنع وقوع أي ضرر عليه، فبينما كان المدافعون حذرين كي لا يتسلل العدو إلى داخل المدينة عن طريق إحداث ثغرة في الصور، أو تسلق التحصينات ([1]
لذا كان الخوف والحذر مستمرين ومتبادلين بين الفريقين طيلة ليل 14 - 15 تموز/ يوليو, إلا أن القتال مالبث أن استؤنف صباح يوم 15 تموز، وذلك عندما استأنف غودفروا هجومه بعنف، على السور، محاولاً أن يقترب منه ببرجه المتحرك وآلات حربه، وكان البرج مغطّى بجلود الحيوانات المسلوخة حديثاً وذلك لحماية الجسور من النار الإغريقية [2]، والتي يرميها المسلمون, واستطاع غودفروا، بعد جهد ومشقة، أن يصل ببرجه إلى حافة السور، وأن يمد، عند ظهر ذلك اليوم، جسراً من البرج إلى السور، عند باب الساهرة، وكان «غودفروا» وأخوه «يوستاس» في الطابق العلوي من البرج، عندما تقدم اثنان من مقاتليه «وهما ليتولد وجبلبرت من تورناي» واقتحما السور، فتبعهما كل من غودفروا وأخيه، فكانوا أول من دخل مدينة القدس من المقاتلين الصليبيين صبيحة يوم 15 تموز، يوليو 1099م. وما لبث، بعد ذلك، أن تدافع المهاجمون نحو السور يتسلقونه بسلالمهم وأوهاقهم، على رأسهم روبرت كونت الفلاندر وروبرت كونت النورماندي وتانكرد، مما جعل المدافعين يتراجعون، مذعورين، نحو الحرم الشريف لكي يحتموا به ولكن المهاجمين تبعوهم إلى المسجد الأقصى حيث جرت -كما يذكر مؤرخ «صليبي» مجهول- «مجزرة» كان من نتيجتها أن «مشى رجالنا

[1] حروب القدس في التاريخ الإسلامي والعربي، ص 67.
[2] المصدر نفسه، ص 68.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 482
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست