responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 453
البابوية في الخطاب ذات طابع متكتم في عرض الأهداف الأخرى لها، أما فيما بعد نجاح المشروع والاستيلاء على الرمز الديني المسيحي في صورة بيت المقدس، وجدنا - والأمثلة هنا أكثر من أن تحصى - الإفصاح عن الأهداف الأخرى بوضوح وصراحة كاملتين, وفي هذا دليل واضح على أن تلك المؤسسة الدينية ذات التأثير الفعال رأت تحقيق أهدافها جزءاً جزءاً وليس دفعة واحدة، وهو أخطر ما في المشروع برمته، وفي تقديري (1)
أن البابا أوربان الثاني لم يغب عن تفكيره ذلك الجانب بحكم أنه المهندس الأول للمشروع والداعي الأصلي لفكرته، وفي واقع الأمر: أن الخطاب الذي القاه البابا في مجمع كليرمونت يعد على جانب كبير من الأهمية التاريخية، فلم نسمع من قبل في تاريخ أوربا القرون الوسطى أن خطاباً كان معبراً عن عصره بمثل هذه الصورة كما لم نسمع عن خطاب حرك الجماهير الأوربية الغفيرة عن مواطنها الأصلية إلى الشرق بمثل تلك الدرجة التي تحدثنا بها المصادر التاريخية المعاصرة، ولذلك لا ننظر إليه على أنه مجرد خطاب عادي، بل أنه إعلان ما يشبه «الحرب العالمية» في العصور الوسطى من جانب الغرب الأوربي ضد الشرق الإسلامي، وذلك دونما مبالغة قولية أو اعتساف في الأحكام، بل من خلال شواهد التاريخ التي وقعت في أعقابه. ويلاحظ أنه في أعقاب إلقاء البابا لخطابه صاح الحاضرون صيحة واحدة وهي: الله يريد ذلك، وكانت صيحة المسيحية لمحاربة الإسلام وأهله، وأتخذوا الصليب شعاراً, ومن هنا كانت تسميتهم بالصليبيين [2].
- قدرة البابا أوربان الثاني على تقديم مشروع عام: استطاع أوربان الثاني أن يوحد شعوب الغرب في مشروع عام على الرغم من أن لغات هذه الشعوب وعاداتها المحلية، واهتمامات أبنائها كانت تختلف اختلافاً بيناً. ولكن الفكرة الصليبية التي جمعت جماهير الغرب الأوربي لم تكن لتنجح لو لم تكن متوافقة مع حركة المجتمع، هذا التوافق بين الفكر والواقع، بين التبرير الأخلاقي للحرب، وحركة المجتمع هو الذي خلق الإيديولوجية التي تحركت الجماهير الأوربية في إطارها، فعلى المستوى الشعبي كان تفكير الناس في أوربا الغربية في القرن الحادي عشر يتوازى مع السياسة البابوية وفكرة الحرب المقدسة إلى حد ما، إذ أن أوربا كانت قد بدأت حركة إحياء دينية مع مشرق شمس القرن الحادي عشر. ومع اقتراب الألف الأولى بعد المسيح من اكتمالها سرت موجة بالإحساس بالذنب والرغبة في التوبة في غرب أوربا، فقد تعمق لدى الإنسان الغربي الشعور بالخطيئة والإحساس بالذنب، والحقيقة أن من يقرأ مصادر تاريخ القرن الحادي عشر في غرب أوربا لا يمكن أن يغفل إصرار الناس في ذلك

(1) الحروب الصليبية .. العلاقات بين الشرق والغرب، ص 68.
[2] المصدر نفسه، ص 69.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 453
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست