responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 446
كما أجبرت بلنسية على دفع إتاوة مماثلة تقدر بمبلغ 20 ألف دينار ذهبي لتفتدي نفسها بذلك من النهب والسلب [1]، وهاجمت الجزائر الشرقية (جزر البليار) عدة مرات.
ونتيجة لذلك، أصبحت القوة البحرية الإيطالية هي المتحكمة في مياه البحر الأبيض المتوسط مما دفعها إلى مزيد من المغامرة، فوجهت نشاطها إلى إفريقية التي كانت لا تزال تحتفظ بقوة بحرية بمد يد المساعدة لإخوانهم في صقلية أو غيرها من ناحية ثانية، ثم لتحقيق أهداف الحركة الصليبية في إفريقية من ناحية ثالثة، فقامت قوة بحرية ضخمة مكونة من أسطولي جنوة وبيزا مدعومة بفرق من مدينة أمالفي وقوة عسكرية أخرى أمدهما بها البابا بمهاجمة مدينة المهدية 480هـ/1087م أي بعد الاستيلاء على طليطلة بعامين وقبيل الاستيلاء الكامل على صقلية واستولت عليها باستثناء قلعتها، وظلت في يدها إلى أن دفع صاحبها تميم بن المعز للقوى المتحالفة فدية مالية ضخمة وعقد مع الغزاة معاهدة نصّ أحد بنودها على تعهد تميم بعدم التعرض للسفن الإيطالية في المياه الإفريقية، ومنحهم امتيازات تجارية في بلاده, كما سيذكر في موضعه.
ومما تقدم يتضح أن هذا الهجوم الصليبي على القسم الغربي من العالم الإسلامي منذ أواسط القرن الخامس الهجري (الحادي عشر للميلاد) والذي كانت تدير دفته البابوية قد احتدم في ثلاث جبهات كانت إفريقية إحداها, ولا شك أن هذا الهجوم كان وجهاً من أوجه الحركة الصليبية، وهذا يؤكد أن الحروب الصليبية بدأت في إفريقية قبل الزحف الصليبي إلى المشرق، ويؤكد هذه الحقيقة ما ذكره ابن الأثير في حوادث سنة 491هـ إذ يفهم من النص الذي أورده أن تلك الحوادث كانت مترابطة يحركها محرك واحد وأنها كانت بداية لموجة الحروب الصليبية في ذلك الطور من أطوار الحركة الصليبية إذ يقول: كان ابتداء ظهور دولة الفرنج واشتداد أمرهم وخروجهم إلى بلاد الإسلام واستيلائهم على بعضها سنة ثمان وسبعين وأربعمائة فملكوا طليطلة وغيرها من بلاد الأندلس .. ثم قصدوا سنة أربعة وثمانين وأربعمائة جزيرة صقلية وملكوها .. وتطرقوا إلى إفريقيا فملكوا منها شيئاً وأخذ منهم - ثم ملكوا غيره على ما تراه - فلما كان سنة تسعين وأربعمائة خرجوا إلى بلاد الشام [2]، وعلى الرغم من اتجاه معظم قوى الحركة الصليبية إلى المشرق، إلا أن ذلك لم يمنع من بقاء فكرة احتلال إفريقية ماثلة في أذهان ذوي الأفكار الصليبية, وبقي تطلع النورمان للاستيلاء عليها قائماً حتى تم لهم ذلك في عهد رجار الثاني حيث استولى على معظم سواحلها من طرابلس

[1] القوى البحرية والتجارية في البحر المتوسط, أريبالد لويس، ص 372.
[2] الكامل في التاريخ نقلاً عن الحروب الصليبية في شمال إفريقيا، ص 17.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 446
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست