responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 444
للصليبيين في ذلك همة, ولم يوهن الفشل لهم عزيمة، فكما أن بلدان المغرب الإسلامي كانت أول من اكتوى من البلاد الإسلامية بنار الاستعمار الأوربي الحديث، كانت بلدان الجناح الغربي من العالم الإسلامي ومن ضمنها إفريقية هي التي تلقت الضربات الأولى للصليبيين، والسبب في ذلك يعود إلى عدة اعتبارات جغرافية وتاريخية من أهمها قربها الشديد من غرب أوربا مركز الحركة الصليبية, ومعرفة الأوربيين الواسعة نسبياً لأوضاع المسلمين في هذه المنطقة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً لسهولة الاتصال بين الطرفين، ثم الحقد الشديد الذي كان يكنه الأوربيون للمسلمين المغاربة ([1]
وبالذات لكونهم هم الذين تولوا عبء الجهاد في أوربا أكثر من غيرهم من المسلمين، وما كان يشعر به الأوربيون من خطر هؤلاء إذ تهيأت لهم الوحدة والقيادة المخلصة، لكل ذلك كانت أوربا تتربص بمسلمي هذه المنطقة الدوائر, وتتحفز للوثوب عليهم منتظرة الفرصة المناسبة، وأخذت هذه الفرصة التي طالما انتظرها محركو قوى العدوان الصليبي تتهيأ منذ أواسط القرن الخامس الهجري (الحادي عشر للميلاد)، إذ أصاب الجناح الغربي من العالم الإسلامي من التمزق ما جعله يسير بخطى حثيثة نحو التردي إلى الهاوية، ولم يكن وضع إخوانهم في المشرق بأحسن حالاً منهم، فكان هذا التمزق وافتراق الكلمة هو السبب الأهم في البلاء الذي نزل بالمسلمين في المشرق والمغرب على حد سواء, وما أشبه اليوم بالأمس، لقد كان ولا يزال تفرق العرب والمسلمين هو الباب الواسع الذي يدخل إليهم أعداؤهم منه لضربهم في عقر ديارهم، فكان أن انطلقت القوى الصليبية في موجة عاتية تضرب المسلمين في ثلاث جبهات في آن واحد في الأندلس وصقلية وإفريقية [2].
أ- الأندلس: فقد شهدت الجبهة الأندلسية منذ أواسط ذلك القرن نشاطاً ملحوظاً تمثل في شن هجوم قوي مستمر من قبِل النصارى الإسبان بزعامة مملكة قشتالة على مسلمي الأندلس، حيث أخذت المدن والمعاقل الإسلامية تسقط في أيديهم تباعاً، وأحرزوا النصر على المسلمين في معارك عديدة, وتوجت تلك الانتصارات بسقوط مدينة طليطلة سنة 478هـ في يد ألفونسو السادس ملك قشتالة, تلك الكارثة التي روعت العالم الإسلامي بأسره. وحيال هذا الضغط المتواصل من النصارى الإسبان اضطر مسلمو الأندلس إلى الاستنجاد بالمرابطين من العدوة المغربية، فكانوا يرسلون الاستغاثة تلو الأخرى لهذه القوة الفتية، حتى إذا ما قضى أميرها يوسف ابن تاشفين على جيوب المقاومة لدولته في المغرب عبر البحر إلى الأندلس بجموع غفيرة حيث

[1] كلمة المغاربة كانت تطلق على سكان المغرب الإسلامي بأسره, والذي كان يضم الأندلس والجزر الإسلامية غرب المتوسط إلى جانب أقطار المغرب العربي، وليس كما درج في العصر الحديث بقصرها على أهل المغرب الأقصى.
[2] الحروب الصليبية في شمال إفريقيا، ص 13.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 444
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست