responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 442
كان الفلاح الأوربي مغلوباً على أمره، وكان مطالباً بالتزامات عديدة لأصحاب الإقطاع، وكان البابا على دراية بأحوال الفلاحين الكادحين، فوعدهم بإلغاء التزاماتهم نحو أسيادهم, وأغراهم بخيرات الشرق الإسلامي، كان آلاف الفلاحين يعيشون عيشة منحطة في نظام الإقطاع، حيث شيدوا لأنفسهم أكواخاً من جذوع الأشجار وفروعها وغطيت سقوفها بالطين والقش، دون أن يكون لها نوافذ، ولا يوجد داخلها أثاث بل كان ما يجمعه الفلاح يعتبر ملكاً خاصاً للسيد الإقطاعي، كما يعتبر محرومًا من الملكية الشخصية [1] , وكانوا مثقلين بالالتزامات من منتجاتهم. وبذلك يظهر مدى التعاسة والبؤس الذي كان يعيشه غالبية شعوب أوربا في القرن الحادي عشر الميلادي وهكذا لما ظهرت الدعوة الصليبية، وجدت هذه الغالبية العظمى فرصتها للخلاص من حياتها الشاقة المليئة بالذل والهوان، ونظروا إلى أخطار الاشتراك في هذا الغزو نظرة هينة أمام ما كانوا يعيشون فيه, فإن ماتوا في هذه الحرب كان لهم الخلاص, وإن نجوا كانت لهم حياة جديدة أفضل مما كانوا عليه [2]، ولقد عرفت الكنيسة كيف تلعب بعقول هؤلاء، وتوغر صدورهم ضد الإسلام وأهله، وخدعتهم بأنهم سيحررون بيت المقدس والقبر المقدس، يباركهم الرب، والبابا، لذلك لم يردعهم رادع عن الذبح والقتل، بل كان قتل المسلم مرضاة ينال عليها الصليبي ثواباً يوم الدينونة [3].

رابعاً: الدافع الاقتصادي:
يعتبر التطلع إلى خيرات المشرق الإسلامي، من أقوى دوافع الحروب الصليبية بعد الدوافع الدينية, وقد عبر البابا (أوربان) نفسه في خطابه عن أهمية العامل الاقتصادي بالنسبة لواقع أوربا آنذاك فقال: لا تدعوا شيئاً يقعد بكم .. ذلك أن الأرض التي تسكنونها الآن -والتي تحيط بها البحار وتلل الجبال- ضيقة على سكانها الكثيرين، وتكاد تعجز عن كفايتهم من الطعام، ومن أجل هذا يذبح بعضكم بعضاً، ويلتهم بعضكم بعضاً .. إن أورشليم أرض لا نظير لها في ثمارها بل هي فردوس المباهج [4]. وإن جميع الوثائق تشير إلى سوء الأحوال الاقتصادية في غرب أوربا في أواخر القرن الحادي عشر، وكانت فرنسا بالذات تعاني من مجاعة شاملة قبيل الحملة الصليبية الأولى، ولذلك كانت نسبة المشاركين منها تفوق نسبة الآخرين، فقد كانت الأزمة طاحنة حيث ألجأت الناس إلى أكل الحشائش والأعشاب، وبذلك جاءت هذه الحرب لتفتح أمام أولئك الجائعين بابا جديدًا للخلاص من أوضاعهم الصعبة وهذا ما يفسر أعمال السلب والنهب للحملة الأولى ضد الشعوب النصرانية التي

[1] الجهاد والتجديد، ص 84.
[2] تاريخ الوطن العربي والغزو الصليبي، ص 24.
[3] أثر الشرق الإسلامي د. عبد الله الربيعي، ص 138.
[4] المصدر نفسه، ص 34.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 442
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست