اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 267
المبحث الخامس
أثر نظم السلاجقة في الدولة الزنكية والأيوبية والمماليك أولاً: الدولة الزنكية:
أحدث السلاجقة تأثيراً واضحاً في الدول التي حلت محلهم أو جاءت بعدهم في مختلف الجوانب العسكرية، فيذكر ابن الأثير أن ديوان زنكي كان يشبه إلى حد كبير دواوين السلاجقة في نظمه من كثرة الحاشية وجمال الزينة ونفاذ الأمر [1]، وهذا - بدون شك - من آثار نظم السلاجقة الواضحة في أتابكتهم الذين ترسموا خطاهم فساروا عليها في جميع أحوالهم، وبهذا كان الزنكيون أول من طبق النظم السلجوقية وعلى رأسها النظم العسكرية [2]، فكان عماد الدين زنكي (ت 541هـ) رجلاً عسكريا اعتنى بجيشه وبتنظيماته فجعل ديواناً خاصاً يعنى بطعامهم ومرتباتهم وأسلحتهم, وكان يتولى أمور الجيش أمير حاجب يرجع للسلطان مباشرة [3]، وكل هذه التنظيمات قد وجدت عند السلاجقة. وجاء من بعده ابنه سيف الدين غازي (ت544هـ) الذي تربّى في بلاط السلاجقة، فكان لهذا تأثير كبير في سياسته واطلاعه على أمور الحرب وإدارة الدواوين فكان يقلد سلاطين السلاجقة في زيه وركوبه وإظهار قوته [4]، ونظراً للاتصال الكبير بين السلاجقة وعماد الدين فقد تأثر بكثير مما وجد لدى السلاجقة، فكان يشارك السلطان محمود السلجوقي في لعب الكرة على ظهور الخيل وسار أولاده على نهجه [5]، حتى كان نور الدين محمود يداوم على اللعب بالكرة تدريباً للخيل ومنعاً لبدانتها حتى أتقن اللعب بها تماماً [6]، وكان يأمر قواده أن يلعبوا بالكرة مع أفراد الجيش كل يوم بعد صلاة العصر خشية أن يركن الجيش إلى الكسل [7]، وهذا يدل على تأثر الزنكيين بالنظم السلجوقية الفكرية والثقافية والعلمية كما سيأتي بيانه بإذن الله.
ثانياً: الأيوبيون والمماليك:
أشار القلقشندي إلى أن أهم الدول والإمارات التي قامت في المنطقة كانت تستمد نظمها من السلاجقة في معظم الأحيان، وذكر بعض المؤرخين أن بعض تلك الدول قد حذت حذو [1] الباهر، ص 83. [2] تاريخ الموصل، سعيد الديوه حي, ص 283. [3] النظم الحربية عند السلاجقة، ص 340. [4] المصدر نفسه، ص 340. [5] المصدر نفسه، ص 340. [6] الباهر، ص 168، 169. [7] تاريخ الموصل، ص 446.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 267