اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 248
المجاهدون لتسير بهم نحو الأندلس، ثم دعا ابنه أبا زيان وجعله على رأس خمسة آلف من خيرة المجاهدين وأعطاه مالاً وبنوداً وطبولاً وجهزه بكل ما يحتاج إليه، ثم عقد له لواء الجهاد، وأوصاه بتقوى الله في سره وجهره، ودعا له ووجهّه، وانصرف الأمير أبو زيان بجيشه من طنجة إلى قصر المجاز، فركب الأمير مع جميع جيوشه من قصر المجاز، فنزل مدينة طريف من سواحل بلاد الأندلس، وكان جوازه في 17 ذي الحجة 673هـ، فأقام أبو زيان بطريف ثلاثة أيام حتى استراح الناس والخيل من هول البحر، ثم قصد منها الجزيرة الخضراء فغنمها وواصل السير في بلاد العدو حتى وصل إلى شريش، وهو يغنم ويفتح مامرّ عليه من القرى والحصون والبروج، وتهاوت مقاومة الأسبان أمام جيشه المظفر وجمع في طريقه غنائم ضخمة وقفل بها إلى الجزيرة فدخلها، ففرح أهلها بدخوله، وارتفعت معنوياتهم وقويت نفوسهم وهكذا استطاع الأمير أبو زيان - حامل راية والده المنصورة - أن يعز الإسلام ويذل النصارى الحاقدين في الأندلس.
وكانت غزوة أبي زيان غزوة ريادة واستطلاع، وعزم أبو يوسف يعقوب سلطان المرينيين على العبور بنفسه مع جيشه، فبعث سفارة يتزعمها حفيده تاشفين بن الأمير أبي مالك إلى يغمراس بن زيان أمير تلمسان يطلب منه الصلح والألفة واجتماع الكلمة لكي يجاهد في الأندلس وهو مطمئن على بلاده آمن عليها، فوافق يغمراس على مبدأ الصلح فتم الصلح بين بني مرين وبني زيان (بني عبد الواد) وأبعد الله عنهم التحاسد والتنافس والاقتتال وجمع الله كلمة الإسلام وألّف بين المسلمين.
وسر أمير المسلمين أبو يوسف بذلك سروراً عظيماً، وتصدق بصدقات كثيرة، وكتب إلى زعماء بني مرين، وأمراء العرب، وشيوخ قبائل المغرب من
اسم الکتاب : دولة الموحدين المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 248