اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 601
الصليبيون برج الذبان الذي وصفه ابن شداد بأنه برج في وسط البحر مبني على الصخر على باب ميناء عكا لحراسة الميناء لأن المركب متى عبره أمن غائلة العدو، كما أن الاستيلاء عليها يجعل الميناء تحت سيطرتهم فيمنعون السفن المحملة بالميرة من الوصول إلى البلد، وأحضر الصليبيون سفناً جعلوا على صواريها برجاً عالياً ملأوه بالحطب والنفط، على أن يسيروها وقتل من عليه من الجنود وعبوا سفينة ثانية ملاؤها حطباً ووقوداً على أن يدفعوها إلى أن تدخل بين سفن المسلمين، ثم يشعلوا النيران منها إلى سفن المسلمين فتحرقها مع ما فيها من المير، كما شحنوا سفينة ثالثة بالجنود، وجعلوا عليها حاجزاً على هيئة قبو يمنع عنهم سهام المسلمين، فإذا أحرقوا ما أرادوا إحراقه دخلوا ذلك القبو، وبالرغم من أن تجاه الرياح كان بادئ الأمر يسير على ما يريدون، فإن قدرة الله شاءت بعد أن أشعلوا النار في البرج الذي أقاموه على صواري السفن، وكذلك السفينة التي كانوا يزمعون إرسالها بين سفن المسلمين، أن انعكس اتجاه الريح عليهم فاحترقت سفنهم الأولى التي عليها البرج وكذلك الثانية، ثم امتدت النيران التي بها الجنود وعليهم القبو، فانزعج من بداخلها من الصليبيين، ولم يستطيعوا الخروج من القبو فهلكوا جميعاً [1] وبالرغم من تلك الكارثة التي حلت بالصليبيين عند محاولتهم الاستيلاء على برج الذبان، فإنهم لم ينقطع أملهم في أخذ ذلك البرج، حيث عادوا مرة أخرى، ووضعوا آلة عظيمة على هيئة دبابة (2)
لها رأس عظيم برقبة شديدة من الحديد تسمى كبشاً ينطح بها السور فتهدمه بتكرار نطحها، كما استخدموا آلة أخرى هي عبارة عن قبو فيه عدد من الجنود ورأسه محدد على شكل السكة التي تستخدم في الحرث تسمى سنوراً، فرأس الكبش مدور يهدم بثقلة ورأس السنور يهدم بحدته، كما استخدموا أيضاً الستائر والسلاليم الكبار الهائلة وأعدوا في البحر سفينة عظيمة أقاموا بها برجاً إذا أرادوا قلبه على السور انقلب بالحركات ويبقى طريقاً إلى المكان الذي ينقلب عليه فتمشي عليه المقاتلة وعزموا على تقريبه من برج الذبان فيأخذوه ولما اكتملت استعداداتهم شرعوا في الزحف على البلد ومقاتلته من كل جانب وهم في خلق لا يحصى وأهملهم المسلمون بادئ الأمر حتى نشبت مخاليب أطماعهم في عكا، وصحبوا الآتهم تلك وقربوها من الأسوار، وعندما أصبحوا على تلك الحالة، صاح المسلمون عليهم صيحة واحدة، وفتحوا الأبواب، وباعوا أنفسهم لخالقها وباريها كما يقول المؤرخ ابن شداد وهجموا على العدو من كل جانب وكبسوه في الخنادق، ولما رأوا ما نزل بالصليبيين من الخذلان والهزيمة وهجموا على كبشهم فألقوا فيه النار والنفط، وتمكنوا من إحراقه هرب المقاتلة منه، ثم [1] النوادر السلطانية ص 138، 139 صلاح الدين والصليبيون ص 260.
(2) صلاح الدين والصليبيون ص 260 ..
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 601