اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 59
ج ... وشر سلاح المرء دمع يفيضه
إذا الحرب شُبَّت نارها بالصوارم (1)
إنه، في هذا المطلع، يصّرح ببكاء الناس بكاءً أنزل الدم من العيون لشدته واستمراره، وأنهم بكوا حتى لم يبق فيهم مجال للذم، ولكنه لا يلبث أن يفطن إلى أن البكاء على شدته، لن يغني في شيء في معركة لا يسّعر نيرانها إلا السيوف القواطع ومنها:
فإيها بني الإسلام إن وراءكم ... وقائع يلحقن الذُرا بالمناسم
ج ... أتهويمةً في ظلَّ أمن وغبطةٍ
وعيشٍ كنّوار الخميلة ناعم [2] ... وكيف تنام العين ملء جفونها
على هفوات أيقظت كلَّ نائم ... وأخوانكم بالشام يُضحي مقيلُهم
ظهور المذاكي أو بطون القشاعم [3] ... تسومهم الروم الهوان، وأنتم
تجرون ذيل الخفض، فعل المسالم (4)
وهنا يستصرخ الشاعر المتخلفين عن القتال مع أخوانهم المسلمين في بلاد الشام، فيبدأ هذا المقطوعة بتوجيه نداء حار للمسلمين: إيهاً بني الإسلام أن اصُحوا من نومكم فمادهمكم من الغزو يجعل أعزتكم أذلة. ثم يعجب لهم ولنومهم، إذ كيف ينامون ملء عيونهم ويعيشون ناعماً آمناً وغير بعيد منهم تجري فظائع الأمور التي تقع على رؤوس أخوانهم من أهل الشام، فلا يجدون وقتاً قصيراً ينامون فيه في بيوتهم، فجلّ أوقاتهم على صهوات خيولهم يحاربون أو تكتب لهم الشهادة فتتخطفهم نسور الجو ولا من يدفن جثثهم، وربما يقعون تحت إذلال أعدائهم من الفرنجة، أما أنتم فيبدو عليكم التقلب في ثياب النعمة كما أنكم مسلمون أو متحالفون مع الأعداء ومنها:
وكم من دماء قد أبيحت ومن دمىً ... تواري حياءً حسنها بالمعاصم (5)
بحيث السيوف البيض محمرة الظبا ... وسمرُ العوالي دامياتُ اللَّهاذِم (6)
وبين اختلاس الطعن والضرب وقفة ... تظل لها الولدان شيب القوادم
وتلك حروب من يغب عن غمارها ... ليسلمٍ يقرع بعدها سنَّ نادم
سَللن بأيدي المشركين قواضباً ... ستُغمد منهم في الطُلا والجماجم (7)
يكاد لهن المستجنُّ بطيبة ... ينادي، بأعلى الصوت، يا آل هاشم
وفي هذه الأبيات يصور شراسة المعارك التي وقعت بين المسلمين وأعدائهم من الفرنجة، فقد أُبيحت فيها دماء كثير من المسلمين ولقد اقتحم فيها على النساء خدورهن وما وجدت ما يدفعن به عن أجسامهن المصونة غير معاصمهن المشتبكة حياءً وخوفاً، وقد اشتدت هذه الحروب واستحّر فيها القتل حتى بدت أسنَّة السيوف والرماح حمراء لاهبة، وحتى أن الصبيان ربما يظهر في شعرهم الشيب لما فيها من هول الطعن والضرب ثم يعود لتنبيه المتخلفين بأنهم سوف يندمون على تخلفهم عن الاشتراك في هذه الحروب، التي يعود ليتحدث عن أخطارها فيهّون من شأن الأعداء وأسلحتهم فيما استلّوه من سيوف قاطعة تعود إلى نحورهم وجماجمهم. وفي آخر الآبيات يؤكد فظاعة هذه الحروب بأن الرسول صلى الله عليه وسلم، في ضريحه الطاهر في المدينة المنورة يستنجد على الأعداء، بالعرب والمسلمين وليس بآل هاشم فحسب [8]. تحت إذلال أعدائهم من الفرنجة، أما أنتم فيبدو عليكم التقلب في ثياب النعمة كما أنكم مسلمون أو متحالفون مع الأعداء ومنها:
وكم من دماء قد أبيحت ومن دمىً ... تواري حياءً حسنها بالمعاصم (9)
بحيث السيوف البيض محمرة الظبا ... وسمرُ العوالي دامياتُ اللَّهاذِم (10)
وبين اختلاس الطعن والضرب وقفة ... تظل لها الولدان شيب القوادم
وتلك حروب من يغب عن غمارها ... ليسلم يقرع بعدها سنَّ نادم
(1) شُبَّت: سُعَّرت اشتدت. [2] الهوم: النوم الخفيف. نوّار: زهر. الخميلة: الشجر الملتف. [3] المذاكي: مذكية وهي الفرس: قشاعم: جمع قشعم وهو النسر المسن.
(4) الخفض: الغنى.
(5) نصوص من أدب عصر الحروب الصليبية عمر الساريسي ص 26.
(6) المصدر نفسه ص 26.
(7) العنديد: المقاتل الشديد، والكماة جمع كمي، وهو لابس السلاح. [8] المصدر نفسه.
(9) نصوص من أدب عصر الحروب الصليبية عمر الساريسني ص 26.
(10) نصوص من أدب عصر الحروب الصليبية عمر الساريسني ص 26.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 59