responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 544
أتدري أيَّ سلطان تحيَّي ... وأيَّ مُمَلّكٍ تهدي السلاما
دعوت أجلَّ أهل الأرض حربا ... وأشرفهم إذا سكنوا سلاما (1)

رابعاً: أول صلاة جمعة في بيت المقدس:
لما نزه البيت المقدس ممّا كان فيه من الصُّلبنا والنواقيس، والرهبان والخنازير والقساقيس، ودخله أهل الإيمان، ونودي بالإذان وهرب الشيطان وقرِئَ القرآن، وطهر المكان فكان إقامة أوَّل جمعةِ في يوم الرابع من شعبان، بعِدَ يوم الفتح بِثَمانٍ فنصب المنبرٌ إلى جانب المحراب المطهَّر وبسطت البُسُط الرفيعة في تلك العراض الوسيعة وعلقت القناديل وتُلِىَ التنزيل عِوضاً عمَّا كان يقرأ من التحريف في الإنجيل، وجاء الحقُّ وبطلت تلك الأباطيل، وصُفَّت السَّجادات وكثُرت السّجدات، وتنوعت العبادات وأُديمت الدعوات ونزلت البركات وانجلت الكُرُبات، وأقيمت الصلوات، ونطق الأذان، وخرس الناقوس، وحضر المؤذَّنون وغاب القسوس وطابت الأنفاس وأطمأنت النفوس، وأقبلت السُّعود وأدبرت النحوس، وحضر العّباد والزهّاد ...
وعبد الواحد وكثر الراكع والساجد والقائم القاعد، وامتلأ الجامع وسالت لرقّة القلوب المدامع: هذا يوم كريم وفضل عظيم وموسم وسيم وهذا يوم تجاب فيه الدعوات وتُصبُّ البركات وتسيل العبرات وتقال العثرات، فأذَّن المؤَّنون للصلاة وقت الزوال، وكادت القلوب تطير من الفرح بتلك الحال ولم يكن السلطان إلى تلك الساعة عَّين خطيباً، وقد تهَّيأ لها خلق من العلماء خوفاً أن يُدعى إليها أحدُهم فلا يكون نجيبا، فبرز للخطباء المرسوم السلطاني الصَّلاحِىُّ وهو في قبة الصخرة الغَّراء، أن يكون القاضي محي الدين بن الزكي اليوم خطيباً فلبس الخلعة السوداء وصعِد المنبر وقد كساه الله البهاء وأكرمه بكلمة التقوى وأعطاه السكينة والوَقار والسناءَ فخطب بالناس خطبة عظيمة سنية فصيحة بليغة، ذكر فيها شرف البيت المقدس، وما ورد فيه من الفضائل والترغيبات وما فيه من الدلائل والإمارات، وما منّ الله به على الحاضرين من هذه النعمة التي تعِدلُ الكثير من القُربات وقد أوردها الشيخ شهاب الدين أبو شامة في "الروضتين" بطُولها، فكان أوّل ما قالَ حين تكلمَّ " فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين" (الأنعام: 45) ثم أورد تحميدات القرآن كلهَّا، ثم قال:

(1) صلاح الدين الأيوبي، أحمد عبد الجواد ص 51.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 544
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست