اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 536
يتراجعون عن مراكزهم، بينما تقدم المسلمون واجتازوا الخندق الخارجي المحفور حول السور ثم التصقوا وعملوا به نقباً وتهديماً واشتد قصف المجانيق وتوالى رمي السهام والنبال من الرماة المتقدمين خلف المهاجمين يحمونهم، ونجح المهاجمون في فتح ثغرات عديدة في السور الذي أوشك أن يصبح ملكاً للمهاجمين وفي وقت ما من تاريخ 29أيلول/سبتمبر (1187)، استطاع المهاجمون فتح "ثغرة كبيرة" في السور نفذ منها المسلمون ورفعوا راياتهم عليه، إلا أن المدافعين ما لبثوا أن احتشدوا وردوا المسلمين عن السور، ورغم ذلك فقد أيقن المدافعون أن لا جدوى من دفاعهم، وأنهم مشرفون على الهلاك، بل إنهم هالكون حتما إن هم استمروا في عنادهم [1] وتزاحم الناس في الكنائس للصلاة والاعتراف بذنوبهم، وأخذوا يضربون أنفسهم بالحجارة ويرجون المدد والرحمة من الله، وقطعت النساء شعور بناتهن على أمل استثارة الرجال لحمايتهن من سبي المسلمين لهن [2].
6 - المفاوضات وتسليم القدس إلى صلاح الدين: اتفق الصليبيون على إرسال الرسل بطلب الآمال مقابل تسليم المدينة لصلاح الدين، وامتنع صلاح الدين عن إجابتهم إلى ذلك وقال: لا أفعل بكم إلا كما فعلتم بأهله حين ملكتموه سنة احدى وتسعين وأربعمائة من القتل والسبي وجزاء السيئة بمثلها [3]، فلما أعاد صلاح الدين رسل الصليبيين خائبين محرومين اجتمع الصليبيون مرة أخرى داخل بيت المقدس، وحاولوا القيام بهجمات مفاجئة ضد المسلمين ولكن البطريرك هرقل اعترض على ذلك وأوضح لهم أنهم لو فعلوا ذلك فإنهم سيسوقون نساءهم وأطفالهم إلى العبودية، وحرضهم على طلب الأمان من صلاح الدين، فأرسل باليان دي ابلين إلى صلاح الدين طالباً الأمان لنفسه، ليحضر عنده للتفاوض، فأجابه صلاح الدين إلى ذلك وحضر باليان عنده وسأله الأمان للصليبيين، فأصر صلاح الدين على فتح المدينة بالسيف، فلما يئس باليان من ذلك أراد - أن يستثير عطف صلاح الدين بالتهديد بقتل النساء والأطفال وأسرى المسلمين، حيث قال له: أيها السلطان أعلم أننا في هذه المدينة خلق كثير لا يعلمه إلا الله، وإنما يفترون عن القتال رجاء الأمان ظناً منهم أنك تجيبهم إليه، كما أجبت غيرهم، وهم يكرهون الموت ويرغبون في الحياة، فإذا رأينا لابد منه فوالله لنقتلن أبناءنا ونساءنا ولنحرقن أموالنا وأمتعتنا ولا نترككم تغنمون منها ديناراً واحداً ولادرهماً، ولا تسبون وتأسرون رجلاً ولا امرأة. وإذا فرغنا من ذلك أخرجنا الصخرة والمسجد الأقصى وغيرهما من المواضع ثم نقتل [1] المصدر نفسه ص 101. [2] مفرج الكروب (2/ 213) صلاح الدين والصليبيون ص 213. [3] الكامل في الأثر نقلاً عن صلاح الدين والصليبيون ص 213.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 536