responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 483
شَّرها، وعظيمة كفى الله الإسلام أمرها وما كان الله ليُضيع الدعاء وقد أخلفته القلوب ولا ليُوقف الإجابة وإنَ سدت طريقها الذنوب ولا ليُخلف وعد فَرَجِ وقد أيِس الصاحبُ والمصحوب.
نِعىٌّ زاد فيه الدهر ميما ... فأصبح بعد بُؤساه نَعيِماً
وما صدق النذير به لأنَّي ... رأيت الشمس تطلع والنجوما
وقد استقبل مولانا السلطان الملك الناصر العافية غضَّة جديدة والنشاط إلى الجهاد، والجنة مبسوطة البساط وقد انقض الحساب وجُزنا الصَّراط وعُرِضنا نحن على الأهوال التي من خوفها كاد الجهل يلج في سَمَّ الخياط [1]. وقد وصف العماد مرض السلطان صلاح الدين فقال: ... والسلطان كلما زاد ألمه زاد في لطف الله أمله، وكلَّما بان ضعفُه قَوِيَ على الله توكُّله، وأنا ملازمه ليلا ونهاراً وسراً وجهاراً وهو يُملي عليَّ في كل وقت وصاياه ويُفَّرق بقلمي على عُفاته عطاياه [2] ... وكان خِلقه أحسن ما كان في حال الصحة يخاطبنا بسجاياه السهلة السمَّحة، ولا يخلو مجلسه من أولي فَضلٍ وذوي نباهة ونُبل، يتجاذبون بحضرته أطراف الفوائد، ويهَّزون لمكارمه أعطاف المحامد فتارة في أحكام شرعية، ومسائل فقهية وآونة في صناعات شِعرية، وألفاظ عربية، ومعان أدبية، ومرة في أحاديث الأجواد وشيَم الأمجاد، ودفعة في ذكر فضائل الجهاد، وفرائض التأهب له والاستعداد وينذر أنه إن خلَّصه الله من نَبْوةِ هذه النوبة، وأعفاه الله من كدر هذه المرضة ومرادتها بالعافية الصَّافية الحُلْوة، اشتغل بفتح البيت المقدسى ولو ببذل نفائس الأموال والأنفس، وأنه لا يصرف بقية عمره إلا في قتال أعداء الله، والجهاد في سبيله وإنجاد أهل الإسلام والإقبال على قبيله، وأنه لا يترك شمة الجود والسماحة بالموجود، والوفاء بالعقود، والمحافظة على العهود وإنجاز الموعود، وربما استروح في بعض ساعات الليل أو النهار إلى السماع لإشارة الأطباء به لأجل التفريج والامتاع ولقد كان ذلك المرض تمحيصاً من الله للذُّنوب وتنزيها، وتذكرةً موقظة من سِنَةِ الغفلة وتبيهاً [3]. وكانت صادقاته الرّاتبة دارّة، وبالأبرار بارّة على أن جوده مستوعب الموجود ولا يترك فضلاً للوفود [4] ...
فدفع بالصَّدقه البلاء، ورفع للصَّدق الولاء ونظر الله إلى النيات [5].

[1] المصدر نفسه (16/ 571).
[2] كتاب الروضتين (3/ 238).
[3] كتاب الروضتين (3/ 239).
[4] المصدر نفسه (3/ 240).
[5] المصدر نفسه (3/ 240).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 483
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست