اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 480
فخربت، وأنَّ المولى عَمرَ بيت الله، فمن كرمه - سبحانه - أن يَعمرُ بيت المولى، وما أشَّد خجل الملوك من النبي صلى الله عليه وسلم في التقصير في قوت جيرانه في هذه السنة، [1] وكانت هذه حجة سنة 574هـ وفي عام 576هـ استأذن القاضي الفاضل صلاح الدين في الحج فوافق السلطان ورد على القاضي الفاضل وكتب إليه: على رأس الرُّقعة في سطر البسلمة، على خيرة الله تعالى، يا ليتني كنت معكم فأفوز فوزاً عظيما" [2].
وجاء في رواية أن السلطان صلاح الدين رد على طلب القاضي الفاضل كتابياً وجاء فيه على حجة الأول سنة 574هـ: وصلني كتاب القاضي الفاضل وهو يذكر أنه مصَّممٌ على الحج، الله يجعله مباركاً ميموناً لا يركب بحر، يسير من العسكر إلى أيلة ومنها يتوجّه ويقيم العسكر على أيلة ليلة، وعلى إِرَم ليلة ودون ليلة، وقاطع إِرَم ليلة، هو قد بَعُدَ وما يبقى عليه خوف إن شاء الله تعالى، وثانية تأخذ يده وتحلفه أنه لا يجاور وثالثة:: تُعطيه من مال الجوالي ثلاثة آلاف دينار وتقول له: لابُدَّ ما تخرج هذا عني لا عنك في المجاورين بمكة والمدينة، وفي أهلها، هذا أمر لابُدَّ منه، فإن النّاس لابُدَّ لهم من الطَّلب، ولابُدَّ من العطاء وإن قال: إن الشيء قليل، فأنت تقرضني هذا المبلغ من مالك وتعطيه إياه، فلا بُدَّ، وإلا فلا إذن له في الرَّوَاح إلى الحج إلا على هذه الشروط التي قد شرطتها وأما مجيئه فيجيء إلى الشَّام، فأنا ما بقي لي دار إلا هي حتى يقضي الله بيننا وبين الفرنج " وهو خير الحاكمين " "الأعراف، آية: 87". وكتب القاضي الفاضل إلى بعض مشايخ مكة بعد رجوعه: سقي الله الحجاز وحيَّا كعبته، ويا طول ما ترشقني سهام الشَّوق الذي أصبح الذكر جَعْبَتَهُ آهاً على تلك المواقف، وتبا لمن رضي أن يكون مع الخوالف فَرَعْياً ونُعْمى وحسنة وحُسنى لمجاوري ذاك الحرم ولعامري أيامه التي هي الأيام لا أيام ذي سَلَمِ فَيَالَهْفَ الصُدور وطول غَلِيلها إلى وُرودِ ماء زمزَمهِ وطوبى لمن استضاء في مَضَالَّ الظُّلم بَعَلَمِهِ، ومهما نسيت فلا أنسى بَرْدَ الكَبِدِ بحرَّ صيفها، ومَوسم الأنس بثلاث مِنَاها وخَيْفها:
آهاً عليها ليالٍ ما تَرَكْنَ لنا ... إلا الأسى وعُدلاتِ من الحُلُم
عسى الرَّياح إذا سارت مبلَّغة ... توفي فقد غَدَرَ الأحبابُ بالذَّمَمِ
ثم قال: فأما الطريق المباركة فقد جرى فيها خطوب وشؤون وأحاديث كلها شجون، وكانت العقبى إلى سلامة ولما قاربنا الكَرك نهض العدوُّ، فلم تمكنه الرجعة ولا التعريج [1] كتاب الروضتين (3/ 11). [2] كتاب الروضتين (3/ 24) إشارة إلى قوله تعالى يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيما" ..
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 480