responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 478
ب- في حق نقل القضاء من شرف الدين ابن أبي عصرون: ولما ذهب بصره إلى ولده: لن يخلو الأمر من قسمين - والله يختار للمولى خِيْرَة الأقسام ولاينسى هذا التحرج الذي لا يبلغه ملك من ملوك الإسلام - إما إبقاء الأمر باسم الوالد بحيث يبقي رأيه ومشاورته، فتياه وبركته ويتولىَّ ولده النيابة ويشترط عليهما المجازاة لأوّل زلَّة، وترك الإقالة لأول عثرة، فطالما بعث حب المنافسة الراجحة على اكتساب الأخلاق الصَّالحة، وإما أن يُفَوَّض الأمر إلى الإمام قطب الدين فهو بقية المشايخ، وصدرُ الأصحاب، ولا يجوز أن يتقدم عليه في بلد إلا من هو أرفع طبقة في العلم منه [1].

ت- ومنها في إقامة عذر التأخر عن الجهاد: وأما تأسف المولى على أوقات تنقضي عاطلة من الفريضة التي خرج من بيته لأجلها، وتجُّدد العوائق التي لا يوصل إلى آخر حبلها فللمولى نيّةُ رُشده، وأليس الله العالم بعبده وهو سبحانه لا يسأل الفاعل عن تمام فعله، لأنه غير مقدور له ولكن عن النيّة لأنها محلُّ تكليف الطاعة، وعن مقدور صاحبها من الفعل بحسب الاستطاعة، وإذا كان المولى " آخذاً " في أسباب الجهاد وتنظيف الطُّرُق إلى المرُاد فهو في طاعة قد امتنَّ الله عليه بطول أمدها وهو منه على أمل في نجُح موعدها، والثَّواب على قدر مشقتَّه، وإنّما عَظُمَ الحجُّ لأجل جهُده وبعُد شقَّته ولو أنّ المولى فتح الفتوح العظام في أقل الأيَّام، وفصل القضيَّة بين أهل الإسلام وأعداء الإسلام، لكانت تكاليف الجهاد قد قضيت وصحائف البرَّ المكتسبة بالمرابطة والانتظار طويت [2].

ث- في ذكر أولاد السلطان: وقبل الإجابة عن الفصول فنبشَّر بما جرت العادة به، لا قطع الله تلك العادة، من سلامة وصحة وعافية شملت موالينا أولاده السَّادة أطاب الله الخبر إليهم عن المولى وإلى المولى عنهم، وعجَّل لقاءه لهم ولقاءهم له، فإنهم من يلق منهم ... فهم بحمد الله - بهجة الدنيا وزينتُها وريحان الحياة وزهرتها، وإن فؤاداً وسع فراقهم لواسع وإن قلباً قنع بأخبارهم لقِانِع، وإن طرْفاً نام عن البعيد عنهم لهاجع، وإن ملكاً ملَكَ تصبُّره عنهم لحازم وإن نعمة الله فيهم لنعمةٌ بها العيش ناعم، أما يشتاق جيْدُ المولى أن يتطوَّق بُدرَرِهم؟ أما تظمأ عينه إلى أن تتروَّى بنظرهم؟ أما يحنُّ قلبه على قلبه؟ أما يلتفظ هذا الطائر بتقبيلهم ما خرج من حبه؟ وللمولى - أبقاه الله تعالى - أن يقول:
وما مثلُ هذا الشوق تحمل مُضْغَةٌ ... ولكنَّ قلبي في الهوى بقلوب
وفي أخرى: والملوك الأولاد في كفالة العافية لا رَفَعت عنهم كفالتها وعليهم جلالة

[1] كتاب الروضتين (3/ 6).
[2] المصدر نفسه (3/ 7).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 478
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست