صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس - الصلابي، علي محمد

اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 476

الأيوبي سنة 580هـ قبل حطين وقبل تحرير القدس خطابا إلى زين الدين يوسف بن زين الدين علي كوجك بإربل وما يجري معها من البلاد والقلاع وجاء فيه: إنّ الله مكن لنا في الأرض ووفقنا في إعزاز الحق وإظهاره لأداء الفرض، رأينا أن نقدم فرض الجهاد في سبيل الله، فنوضح سبيله، ونقبل على أعداء الدين وننصر قبيله وندعو أولياء الله من بلاد الإسلام إلى غزو أعدائه ونجمع كلمتهم في رفع العليا في أرضه على استنزال نصره في سمائه، فمن ساعدنا على هذه الفريضة واقتناء هذه الفضيلة يحظى من عوارفنا الجزيلة بحسن الصنيعة ونجح الوسيلة، ومن أخلد إلى الأرض واتبع هواه وأعرض عن حق دينه بالإقبال على باطل دنياه فإن تاب ورجع قبلناه، وإن أصر على غوايته أزلنا يده وعزلناه [1].

وها هو ذا التاريخ يعيد نفسه، فالمسلمون ليسوا أمة واحدة وليس لهم دولة واحدة تحكمهم وتدبر أمور حياتهم ولكنهم فرق تفرقوا شذر مذر، قد آلت الأحوال بهم إلى أسوأ مما كانت في الحروب الصليبية التي نتحدث عنها وأصبحت بلادهم نهبة لأعدائهم وخيراتهم ليست لهم، بل وفرضت عليهم مناهج الأعداء وقوانيهم.
إن الإسلام يوجب على دعاة الوحدة أن يجاهدوا دعاة الفرقة ويحملوهم على ذلك إلى أن يذهب بهم ويؤتي بغيرهم والله غني عن العالمين [2].

5 - الوحدة مطلب شعبي عام لا يقف أمامه حاكم انفصالي:
لما رفض حاكم دمشق استقبال صلاح الدين كارهاً للوحدة والجهاد ضد الصليبيين لم يقبل أهل دمشق منه هذا التخاذل واستقبلوا صلاح الدين وجيش صلاح الدين وأصبح النفوذ والحكم لصلاح الدين المجاهد ومن معه [3] وها هو ذا المملوك سرخك حاكم قلعة حارم من أعمال حلب قد امتنع عن تسليمها لصلاح الدين الأيوبي وقد راسله في ذلك توحيداً لقوة المسلمين في جهاد الصليبيين فأبى وأرسل الصليبيين ليحتمي بهم ضد صلاح الدين، فسمع من معه من الأجناد أنه يراسل الصَّليبيين، فخافوا أن يسلمها إليهم وقبضوه وحبسوه، وراسلوا صلاح الدين يطلبون منه الأمان والإقدام، فأجابهم إلى ما طلبوا، وسلموا إليه الحصن [4].

6 - الوحدة بين مصر والشام وأهميتها: إن الاتحاد بين مصر والشام له أثره الحسن على المسلمين، فهذا يشكل جبهة حربية

[1] كتاب الروضتين (2/ 32 - 33) مفرج الكروب (2/ 163 - 164).
[2] دروس وتأملات في الحروب الصليبية ص 137.
[3] الكامل في التاريخ نقلاً عن دروس وتأملات ص 138.
[4] المصدر نفسه ص 139.

صيغة PDF

شهادة

الفهرست