اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 454
ويبدو أنه جرى اتفاق ثنائي على هامش المباحثات بين صلاح الدين والأمير السلجوقي بمساعدة الأول للسلاجقة في حربهم ضد الأرمن من كيليكيه الذين كانوا يهاجمون الأراضي السلجوقية بدليل أنه هاجم بلاد الأرمن عقب توقيع الصلح مباشرة وقبل أن يعود إلى بلاد الشام [1]. ومهما يكن من أمر، فقد كان لهذا الاحتكاك الأيوبي السلجوقي، انعكاسات سلبية، إلى حد ما، على العلاقات بين الطرفين في المستقبل، توضَّحت في التحالفات التي قامت بين صلاح الدين والإمبراطور البيزنطي إسحاق أنجليوس من جهة وبين قلج أرسلان الثاني والأمبراطور فريدريك بربروساً من جهة ثانية [2].
سادساً: علاقة صلاح الدين مع الخلافة العباسية: لم تكن علاقات صلاح الدين مع العباسيين في يوم من الأيام سيئة أو لم تصل إلى درجة السوء والعداء، فلربما فترت أحياناً لكنها لم تصل إلى العداء وإذا نظرنا إلى صلاح الدين نجده قد ارتبط بالخلافة العباسية نتيجة ارتباطه بالزنكيين، فزعيم الزنكيين نور الدين محمود كان محباً للخليفة العباسي المستضيء بأمر الله لاقتناعه بعقيدته السنية ولذلك فقد حرص على تأييده واحترامه، وبادله الخليفة مشاعره هذه بإرساله الخلع والتشريفات له، وحضّ أمراء الولايات على مساندته ضد الصليبيين [3]، من ذلك بدأ صلاح الدين علاقة جيدة مع الخليفة العباسي حينما كان وزيراً للخليفة الفاطمي العاضد عام 567هـ/1171م وخطا صلاح الدين خطوة هامة في علاقته بالعباسيين حينما قطع الخطبة للخليفة الفاطمي وأقامها للعباسيين على منابر مصر، معبراً عن طاعته وولائه للخليفة العباسي [4]، ولما مات نور الدين محمود، واستغل الصليبيون حالة بلاد الشام المضطربة وهاجموها، أرسل صلاح الدين إلى الخليفة العباسي، يصور له الأوضاع في بلاد الشام السياسية، وهجوم الصليبيين على بلاد المسلمين، وبيّن جهوده في إنهاء الخلافة الفاطمية في مصر، وإعادة الخطبة للعباسيين وتصديه للصليبيين عندما هاجموا الإسكندرية في مصر، وأسباب ضمه لليمن وبعد هذه الرسالة المطولة التي عدّد فيها إنجازاته التي تؤكد إخلاصه وولاءَه للخليفة العباسي، طلب منه أن ينعم عليه بتقليد يشمل مصر والمغرب واليمن والشام، وكل ما تشتمل عليه ولاية نور الدين وكل ما يفتحه الله للدولة بسيوفنا، وسيوف عساكرنا ولم نقيمه من أخ وولد من بعدنا، تقليداً يضمن للنعمة [1] النوادر السلطانية ص 98 الكامل في التاريخ (9/ 447 - 449). [2] تاريخ الأيوبيين ص 92. [3] موسوعة تاريخ العرب ص 54. [4] المصدر نفسه ص 54.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 454