اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 364
وخمسمائة (585هـ) سار القائد صلاح الدين إلى عكا وأقام بها يصلح أحوالها: ورتب فيها الأمير بهاء الدين قراقوش وأمر بعمارتها وعمارة سورها [1]. وسيأتي الحديث بإذن الله عن عكا وما حذث بها.
- أصل المثل القائد (حُكم قراقوش): كان قراقوش من أروع القادة وأشجعهم، ولقد وقع مرّة في الأسر فافتدي بعشرة آلاف دينار وفرح به صلاح الدين فرحاً شديداً .. ويبدو أن سياسته في القاهرة كانت حكيمة وحازمة في إزالة الفاطميين وتضييق الخناق على بقاياهم، لذلك لم يجدوا سبيلاً لمحاربته إلا بالإشاعات وتشويه السمعة حيث وضعوا عنه كتاباً أسموه "الفاشوش في أحكام قراقوش" وهي الإشاعات التي يردها معاصرونا بغباء [2]، وذكر ابن خلكان أن الناس ينسبون للأمير بهاء الدين قراقوش "أحكاماً عجيبة في ولايته نيابة مصر عن صلاح الدين، حتى أن الأسعد بن مماتي له في كتاب سمّاه "الفاشوش في أحكام قراقوش" وفيه أشياء يبعد وقوع مثلها منه والظاهر أنها موضوعة، فإن صلاح الدين كان يعتمد في أحوال المملكة عليه، ولولا وثوقه بمعرفته وكفايته ما فوضها إليه [3]. لقد كان كتاب الأسعد بن مماتي "الفاشوش في حكم قراقوش" هو أصل المثل الذي انتشر في كل الأمصار من تاريخ صدوره حتى تاريخنا المعاصر، وهو كتاب صغير الحجم تضمّن حكايات ونوادر ساخرة كتبت باللغة العامية، تنال من الأمير بهاء الدين قراقوش وتظهره على عكس مظهره الحقيقي، وتجعل منه شخصية فكاهية على نمط شخصية "جحا" في التراث الشعبي الفكاهي. وقد أراد مؤلفه ابن مماتي النيل من الأمير بهاء الدين قراقوش [4]، وقد ذهب ابن خلكان إلى أن كتاب " الفاشوش " كله موضوع وذلك لأن الأسعد بن مماتي كان مقرباً بل جزءً، من البلاط الأيوبي فكيف يستنكر ويشنّع على النظام الذي هو جزء منه [5].
وفي حقيقة الأمر أن الدافع من كتابة هذا الكتاب الذي يمسى الأمير بهاء الدين، وصلاح الدين والدولة الأيوبية برمتها، وراءه حملة دعائية وسياسية دبرت للنيل من السلطان صلاح الدين والدولة الأيوبية في أوج انتصاراتها، وأريد بنشره الإساءة لهذه الدولة التي كان لها دوراً بارزاً في القضاء على الدولة الفاطمية ودحر الصليبيين الغزاة، ومما يمكننا الجزم به أيضاً أنّ كتابة الكتاب بصيغة رسالة "نصيحة" إلى السلطان صلاح الدين وباللغة العامية يدل على دهاء كاتبها وسوء طويته وقد استطاع أن يحقق مأربه ويشهد على ذلك سرعة انتشار ما تضمنه [1] حكم قَراقوش ص 29. [2] المصدر نفسه ص 41. [3] المصدر نفسه ص 41. [4] المصدر نفسه ص 41. [5] حكم قَرَقُوش ص 47.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 364