اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 360
وطابعه المميز، مثل مصر والشام وشمالي العراق والنوبة والمغرب واليمن والحجاز وقضى أكثر سنى حكمه في ميادين القتال، يمارس سياسة التخطيط والتنفيذ والإشراف، وتوجيه سياسة الدولة العليا، ثم يترك حربة التنفيذ في الأمور المحلية، في الاستعداد والدفاع، للولاة وفقاً لظروف وإمكانات كل إقليم، وهو ما يُعبَّر عنه مفهومنا الحديث "اللامركزية". والحقيقة أن صلاح الدين لم يضع كافة السلطات في يده، على الرغم من أنه كان الحاكم الذي يدير دفة الحكومة المركزية، والراجح أنه أدرك أن توزيع السلطان يجعل من كل سلطة رقيبة على السلطة الأخرى، وموازنة لها في ممارسة اختصاصاتها كما أن تقسيم العمل بين عدة أشخاص أكفاء يحقَّق عدة مزايا تتعلق بإجادة العمل وسرعة إنجازه [1].
وكانت القاهرة مركز حكومته، يقيم فيها نوابه، ووزراؤه، ومنها تصدر أوامره إلى مختلف الأقاليم وكانت بلاد الشام محور حروبه وجهاده ضد الصليبيين [2].
وقد أسند مهام مناصب الدولة القيادية إلى أولاده وأقربائه وأخلص الناس إليه، وذلك لحماية نظامه ومنهجه في الحكم، والقيادة. وكان يعتمد في اختيارهم على العقل، حتى أنه عزل ابنه الملك الظاهر غازي عن إمارة حلب وأعطاها لأخيه العادل حينما استدعت مصلحة الدولة ذلك، , وإذا ضَّم إمارة إسلامية يُبقى على حاكمها إذا وافقوا على الدخول في تبعيته، وتنفيذ سياسته التي تخدم أهدافه، بل الأهداف الإسلامية العامة، ومن يرفض يتركه يذهب حيث يشاء وكان يستعمل الأساليب السلمية للتفاهم معهم، وإذا خرج أحد الولاة على حكمه، يتغاضى عن أخطائه، ويستقبله ببشاشة، ويبالغ في إكرامه، مثلما فعل مع تقي الدين عمر حينما أراد الخروج على طاعته والتوجه إلى المغرب بسبب عزله عن ولاية مصر، وكان يراعي المصلحة العامة في تعيين وعزل الولاة؛ بالإضافة إلى الظروف السياسية والعسكرية للدولة، واتسمت سياسته بالعدل والتواضع، ولا يجرح شعور أحد، ولا يتعالى على أحد، ولا يتغرطس على أحد، ولم يكن الاستبداد من طبيعته [3].
- بهاء الدين قراقوش: من رجال الإدارة الأيوبية:
كان بهاء الدين قراقوش عبداً رومياً، فّر من إحدى قرى آسيا الوسطى وانتقل من بلد إلى بلد حتى وصل إلى بلاد الشام ثم التحق في خدمة أسد الدين شيركوه الذي توسم فيه النجّابة والشجاعة، فقَّربه من نفسه، [1] تاريخ الأيوبيين ص 211. [2] المصدر نفسه ص 211. [3] تاريخ الأيوبيين ص 212.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 360