responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 257
العهد مدرستان سنيتان إحداهما للمالكية: وهي مدرسة الحافظ بن عوف الزهري، والأخرى للشافعية: وهي مدرسة الحافظ السلفي واستطاعت هاتان المدرستان أن تقوما بدور كبير في الحفاظ على التراث السني في مصر الفاطمية، حتى أن القاضي الفاضل قد ذكر هذه الحقيقة في إحدى الرسائل التي بعث بها صلاح الدين إلى نور الدين إثر اكتشافه لأحد دعاة الفاطميين في الإسكندرية، فيقول: ومما يطرف به المولى أن ثغر الإسكندرية على عموم مذهب السنة [1]. فإذا كانت أوقاف صلاح الدين في الإسكندرية التي حافظت على سنيتها بهذه الكثافة فلا شك أنها في البلاد الأخرى التي لقيت دعوة الفاطميين فيها رواجاً كانت أكثر وأكبر، يدلنا على ذلك ما قرره صلاح الدين لنجم الدين الخبوشاني مدرس الصلاحية، فقد خصص له أربعين ديناراً في الشهر عن التدريس، وعشرة دنانير عن النظر في أوقاف المدرسة، وستين رطلاً من الخبز في كل يوم وراويتين من [2] ماء النيل وقد أكمل ابن جبير لنا الصورة حينما تابع رصده لجهود صلاح الدين في القاهرة، كي ييسر أسباب العلم للراغبين فيه فيقول: ومن العجيب أن القرافة كلها مساجد مبنية، ومشاهد معمورة يأوي إليها الغرباء والعلماء والصلحاء والفقراء، والإجراء على كل موضع منها متصل من قبل السلطان في كل شهر، والمدارس التي بمصر والقاهرة كذلك، وحقق عندنا أن الإجراء على ذلك كله نيف على ألفي دينار مصرية في الشهر [3].
ومن هذا يتضح أن صلاح الدين وهو يتابع مسيرة الإحياء السني في مصر لم يكتف بإنشاء المدارس، وإنما كان حريصاً أيضاً على جذب علماء السنة إليها من جميع أنحاء العالم الإسلامي كي يشاركوا بجهودهم في هذا الإحياء الفكري، بعد أن كرس الفاطميون جهودهم للقضاء على علماء السنة في مصر، وقد مر بنا قبل قليل ما سجله عليهم السيوطي من أنهم أفنوا من كان بها من أئمة المذاهب الثلاثة؛ قتلا ونفياً وتشريداً، حتى إذا سقطت دولتهم تراجع العلماء من سائر المذاهب السنية إليها، وكانت جهود صلاح الدين أكبر مشجع لهذه الهجرات التي قام بها العلماء السنيون إلى مصر، وكما اهتم صلاح الدين بجذب العلماء إلى مصر فإنه اهتم كذلك بجذب الصوفية، فأنشأ لهم أول "خانقاه" للصوفية في مصر، وجعلها " برسم الفقراء الصوفية الواردين من البلاد الشاسعة" ووقف عليهم أوقافاً جليلة، وولى عليهم شيخاً يدبر أمورهم عرف بشيخ الشيوخ، ويذكر المقريزى. أن سكانها من الصوفية

[1] كتاب الروضتين نقلاً عن التاريخ السياسي والفكري ص 238.
[2] حسن المحاضرة (2/ 57).
[3] رحلة ابن جبير ص 22.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 257
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست