صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس - الصلابي، علي محمد

اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 254

للعالم الزاهد نجم الدين الخبوشاني وقد زار ابن جبير هذه المدرسة في أواخر ذي الحجة من عام 578هـ/1183م، وكان العمل في توسعتها ما يزال مستمراً وذكر ابن جبير أن هذه المدرسة لم يعمر مثلها في هذه البلاد وليس لها نظير في سعة المساحة والحفاوة بالبناء: يخيل لمن يطوف عليها أنها بلد مستقل بذاته والنفقة عليها لا تحصى. تولى ذلك بنفسه الشيخ الخبوشاني، وسلطان هذه الجهات: صلاح الدين يِسمح له بذلك ويقول: زد احتفالا وتأنقا، وعلينا القيام بمئونة ذلك وذكر ابن جبير أنه حرص على لقاء الخبوشاني، لأن أمره كان مشهوراً بالأندلس [1]، ولعل في إشارة ابن جبير ما يؤكد أن صلاح الدين كان يتخير أساتذة مدارسه من أهل العلم والفضل والصلاح، ومن بين من ظهرت شهرتهم في العالم الإسلامي، حتى تتحقق على أيديهم الأهداف التي يسعى إليها، وحتى يكونوا عنصر جذب لطلاب العلم من جميع أنحاء العالم الإسلامي [2].

2. مدرسة المشهد الحسيني: وبنى صلاح الدين مدرسة بالقاهرة بجوار المشهد المنسوب - ظلماً وزوراً - إلى الحسين، وجعل عليها وقفاً كبيراً [3]، كما أشار المقريزي إليها أثناء حديثة عن المشهد الحسيني فقال: ولما ملك السلطان الناصر جعل به حلقة تدريس وفقهاء، فوضها للفقيه: البهاء الدمشقي وكان يجلس عند المحراب الذي الضريح خلفه، فلما وزر معين الدين حسن بن شيخ الشيوخ (للملك الكامل) .. جمع من أوقافه ما بنى به إيوان التدريس الآن، وبيوت الفقهاء العلوية [4] وإذا كان الهدف العام الذي ابتغاه صلاح الدين من زرع المدارس السنية في مصر هو التمكين لمذهب السنة والقضاء على المذهب الشيعي، فإن لإنشاء هذه المدرسة في داخل المشهد الحسيني مغزى خاصاً، فقد كان من المعاقل الأخيرة التي يلجأ إليها بقايا الشيعة في مصر، ومن استطاع الفاطميون أن يستميلوا عواطفهم من عوام السنة، ولذا كان من الضروري أن توجد مدرسة في هذا المكان لتعليم الدين الصحيح، ومحاربة ما نشره الفاطميون من بدع [5].

3. المدرسة الفاضلية: ومن المدارس الهامة التي أنشئت في هذا العصر المدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل سنة 580هـ/1184م ووقفها على الشافعية والمالكية، وخصص إحدى قاعاتها لإقراء

[1] رحلة ابن جبير ص 21.
[2] التاريخ السياسي الفكري للمذهب السني ص 234.
[3] الوفيات لابن خلطان (6/ 206).
[4] المواعظ والاعتبار (1/ 427 - 428).
[5] التاريخ السياسي الفكري ص 235.

صيغة PDF

شهادة

الفهرست