اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 250
قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود" (المائدة، آية: [1]) وقال تعالى "يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شُّره مستطيراً" (الإنسان، آية: 7). قال الشاعر:
إذا قلت في شيء نعم فاتمه ... فإن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها ... لئلا يقول الناس إنك كاذب (1)
وكان صلاح الدين الأيوبي مضرب المثل في الوفاء بالعهود، وكان إذا عقد الصلح التزم به، وإذ عاهد وفىّ بعهوده، وقد ذكر ابن واصل عن بطرك القدس حين خرج بعد استعاده صلاح الدين للمدينة ومعه من أموال البيع مالا يعلمه إلا الله تعالى كما يقول ابن واصل، وكان له من المال مثل ذلك، فلم يعرض له صلاح، وحين قيل له خذ ما معه لتقوي به المسلمين، أجاب بقوله: لا أغدر به، ولم يأخذ منه إلا ما كان قد فرضه على كل رجل عادي من الفرنج وهو مبلغ عشرة دنانير ثم سيّر مع البطرك والذين خرجوا معه من المدينة من يحميهم ويوصلهم إلى مدينة صور، التي أصبحت معقل الفرنج ومكان تجمعهم بعد هزيمتهم في حطين واستعادة ما كانوا يسيطرون عليه من مدن ومواقع في بلاد الشام [2].
عاشراً: التواضع: صفة من صفات عباد الرحمن قال الله تبارك وتعالى: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً" (الفرقان، آية: 63) والتواضع علامة حب الله للعبد، كما قال الله سبحانه وتعالى "يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم" (المائدة، 54) قال ابن كثير هذه صفات المؤمنين الكُمَّل، أن يكون أحدهم متواضعاً لأخيه ووليَّه، متعزَزاً على خصمه [3]، وقد اتصف السلطان صلاح الدين الأيوبي بصفة التواضع، وكان قريباً من الناس، كثير الاحتمال، والمداراة، لم يتكبَّر على أحد من أصحابه، صبوراً على ما يكره، كثير التغافل عن ذنوبه وأصحابه، يسمع مع أحدهم ما يكره ولا يعلمه بذلك [1] النهج المسلوك في سياسة الملوك ص 117. [2] مفرج الكروب (2/ 211) حطين بين أخبار مؤرخيها وشعر معاصريها ص 46. [3] تفسير ابن كثير (2/ 73).
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 250