اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 22
على الخامات الضرورية، وتسخير الطاقات البشرية (الرخيصة) المستعبدة في إفريقيا عن طريق نقلها بالقوة فيما يعرف بحركة تهجير العبيد التي كانت بمثابة إحدى العلامات السوداء في تاريخ الصراع بين أوروبا والشرق، والتي ذهب ضحيتها عدد كبير من أبناء الشعوب الإسلامية في إفريقيا، واستمرت هذه الموجة التي قادتها بريطانيا وفرنسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا وألمانيا إلى حد ماء، حتى العقود الأولى من القرن العشرين وكان العالم الإسلامي فريستها الأولى، بل إنه كان فريستها الوحيدة، إذا استثنينا مساحات محدودة قطنتها أكثرية غير إسلامية، وكانت أهدافها الاقتصادية تتحرك على خلفية صليبية عبّرت عن نفسها في أكثر من واقعة، وقدمت عبر التاريخ أكثر من دليل، إن "غلاد ستون " رئيس الوزراء البريطاني يقولها بصراحة أمام مجلس العموم البريطاني وهو يمسك بالمصحف الشريف: ما دام هذا في عقول المصريين وقلوبهم فلن نقدر عليهم أبداً [1]، وعندما دخل القائد البريطاني الصليبي القدس بعد الحرب العالمية منتشياً وحلفاء بريطانيا يستقبلونه بحفاوة وتكريم إلا أنه لم يخف حقده الصليبي على الإسلام والمسلمين، وأظهر سروره وحبوره كقائد صليبي منتصر فتح القدس وفلسطين وجعلها تحت الانتداب البريطاني الصليبي فقال: الآن انتهت الحروب الصليبية (2)
يزغم بهذه العبارة أن هدف الحروب الصليبية باحتلال القدس وفرض السيادة الصليبية عليها وعلى فلسطين قد تحقق، وهو بهذا يشير إلى أن الحروب الصليبية التي استمرت قرنين من الزمان واحتلت القدس وفلسيطن سنة 492هـ وحررها المسلمون في عام 583هـ لم تحقق هدفها، أما الحرب العالمية الأولى فقد حققت فيها الصليبية هدفها واستولت على فلسطين والقدس وكانت السيادة لها. وأما القائد الصليبي الفرنسي فقد ذهب إلى قبر صلاح الدين في دمشق وقال عند القّبر: ها نحن عدنا يا صلاح الدين [3]. واستمرت الحرب الصليبية فلم تتوقف فقامت بريطانيا بإعطاء وطن لليهود على أرض فلسطين وإقامة دولة يهودية، واتخذت من القرارات والإجراءات الإدارية والعسكرية ما تقيم هذه الدولة، بتدريب اليهود على السلاح وفنون القتال وتوفير السلاح لهم، بل إعطاء بعض أسلحة الجيش البريطاني لهم، وبخاصة عندما أعلنت بريطانيا انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين في 15/ 05/1948م بل سلمت كثيراً من المدن والقرى الفلسطينية إلى اليهود ليعلنوا إقامة دولة يهودية عليها، وفي الوقت ذاته قد حرمت على الفلسطنيين المسلمين التدريب على السلاح واقتناء السلاح، وشنت عقوبات ظالمة على كل فلسطيني يقتني السلاح أو [1] هجمات مضادة في التاريخ الإسلامي ص 40.
(2) دروس وتأملات في الحروب الصليبية ص 35 .. [3] المصدر نفسه ص 434.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 22