اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 181
التدابير التي نفذَّها صلاح الدين إلى تقوية قبضته على مقدرات الدولة، وزادت من تراجع نفوذ العاضد وبالتالي مركز الإمامة وأثارت استياء كبير الطواشية، مؤتمن الخلافة، وهو نوبي، وقائد الجند السودان، وقد أدرك أن نهج صلاح الدين في الحكم سوف يقضى في حال استمراره على الدولة الفاطمية إن عاجلاً أو آجلاً ويبدو أنه كان من بين الطامعين في خلافة شاور، ولما لم يفلح راح يحيك الدسائس للإطاحة بصلاح الدين وحاول الاتصال بعموري الأول ملك بيت المقدس، لتحريضه على مهاجمة مصر، آملاً في حالة الاستجابة أن يخرج صلاح الدين إلى لقائه، فيقبض هو على من يبقى من أصحابه في القاهرة ويثبت على منصب الوزارة وتتقاسم البلاد مع الصليبيين غير أن صلاح الدين علم بخيوط المؤامرة حين ارتاب أحد اتباعه في شكل الخفين اللذين اتخَّذهما رسول مؤتمن الخلافة إلى عموري الأول، فأخذهما ونزع خياطتها، فاكتشف الرسالة بداخلها، فقبض على مؤتمن الخلافة وانتهز الفرصة للتخلص منه، غير أن أنباء اهتزاز مركزه في مصر شجعت النصارى على القيام بمحاولة أخرى لمهاجمة مصر [1]. وقد قام صلاح الدين بأبعاد جميع الخدم من السودان عن قصر الخلافة واستعمل على الجميع في القصر، بهاء الدين قراقوش، فكان لا يجري في القصر صغير ولا كبير إلا بحكمه وأمره [2].
2 - وقعة السُّودان: وذلك أنه لما قتل الطَّواشي [3]، مؤتمن الخلافة الخادم الحبشيُّ، وعزل بقية الخُدَّام غضبوا لذلك واجتمعوا قريباً من خمسين ألفاً، فاقتتلوا هم وجيش الملك صلاح الدين بين القَصْرَين فقتل خلق كثير من الفريقين، وكان العاضد ينظر من القصر إلى المعركة، وقد قُذِفَ الجيشُ الشاميُّ من القصر بحجارة، وجاءهم منه سهامٌ، فقيل: كان ذلك بأمر العاضد وقيل: لم يكن بأمره، ثم إن أخا الناصر - صلاح الدين - شمس الدولة تورانشاه وكان حاضراً للحرب قد بعثه نور الدين إلى أخيه ليسُدَّ أزره - أمر بإحراق منظره العاضد، ففتح الباب ونُودِى: إن أمير المؤمنين يأمركم أن تخرجوا هؤلاء السُّودان من بين أظهركم، ومن بلادِكم فقوى الشاميون وضعف جأش السودان جدَّاً، وأرسل الملك الناصر إلى محلتهم المعروفة بالمنصورة التي فيها دورُهم وأهلُوهم بباب زويلة فأحرقها فولًّوا عند ذلك مُدبرين، وركبهم [1] الكامل في التاريخ نقلاً عن تاريخ الفاطميين ص 510. [2] البداية والنهاية (16/ 434). [3] الطواشي: جمعه طواشية وهم الخصيان الذين استخدموا في الطياق المملوكة وفي الحريم السلطاني وكانت لهم حرمة وافرة.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 181