اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 174
الصليبي والتقى به، وأنزله عمورى الأول في معسكره على الضفة الشرقية لنهر النيل على مسافة ميل واحد من أسوار القاهرة [1]، وأجرى مع شاور مباحثات تعهد شاور خلالها بأن يدفع أربعمائة ألف دينار مقابل طرد أسد الدين شيركوه من مصر، على أن يجري دفع نصف هذا المبلغ على الفور، ثم يبذل النصف الآخر فيما بعد، واشترط أن يُقسم عموري الأول على ذلك [2]، ولدعم هذه الاتفاقية، وإعطائها صفة رسمية، أرسل عموري الأول كلاً من هيو، سيد قيسارية، وجفري، مقدم فرسان الداوية، إلى الخليفة الفاطمي للحصول منه على الموافقة الرسمية عليها، فاستُقبل الرسولان استقبالاً حافلاً في القصر الفاطمي وتَّم التصديق على المعاهدة [3]. وكان من الطبيعي أن يرحَّب الصليبيون بهذه الاتفاقية التي تجعل منهم حماة لمصر والخلافة الفاطمية، وتبُعد أسد الدين شيركوه بوصفه المنافس الوحيد لهم في السيطرة على هذا البلد [4].
ب- معركة البابين: كان أسد الدين والعسكر النُّوري قد ساروا إلى الصَّعيد فبلغوا مكاناً يُعرف بالبابَيْن، وسارت العساكر المصرية والفرنج وراءهم فأدركوهم به في الخامس والعشرين من جُمادى الأولى وكان قد أرسل إليهم جواسيس، فعادوا وأخبروه بكثرة عَدَدهم وعُددهم، وجَّدهم في طلبه، فعزم على لقائهم وقتالهم، وأن تحكم السيوف بينه وبينهم، إلا أنه خاف من أصحابه أن تضعف نفوسهم عن الثبات في هذا المقام الخطر الذي عطبهم فيه أقرب من السَّلامة، لقلة عددهم وبُعْدهم عن بلادهم فاستشارهم، فكلُّهم أشار عليه بعبور النَّيل إلى الجانب الشَّرقي والعْود إلى الشَّام وقالوا له: إن نحن انهزمنا - وهو الذي لا شك فيه - فأين نلتجي وبمن نحتمي، وكل من في هذه الديار من جندي وعامي وفلاح عدوُّ لنا، ويَوَدُّون لو شربوا دماءنا؟ وحُقَّ لعسكر عدتهم ألفا فارس قد بَعُدُوا عن ديارهم نأى ناصرهم أن يرتاع من لقاء عشرات الألوف مع أن كل أهل البلاد عدوُّ لهم. فلما قالوا ذلك قام إنسان من المماليك النُّورية يقال له شرف الدين بُزغُش - وكان من الشجاعة بالمكان المشهور - وقال: من يخاف القتل والجراح والأسر فلا يخدم الملوك، بل يكون فلاحاً أو مع النساء في بيته والله لئن عُدْتُم إلى الملك العادل من غير غَلبة وبلاء تُعذرون فيه ليأخذنَّ إقطاعاتكم وليعودَنَّ عليكم بجميع ما أخذتموه إلى يومنا هذا، ويقول لكم: أتأخذون أموال المسلمين وتفًّرون عن عدوهم، وتسلمَّون مثل هذه الديار المصرية يتصَّرف فيها الكُفَّار؟ قال أسد [1] وليم الصوري (2/ 896). [2] المصدر نفسه (2/ 899) تاريخ الزنكيين في الموصل ص 344. [3] تاريخ الزنكيين في الموصل ص 344. [4] المصدر نفسه ص 344.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 174