اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 157
طاعة العبيدية وخطب للقائم بأمر الله العباسي، فبعث إليه المستنصر يتهدده فلم يخفه [1]، ورد المعز بن باديس على خطاب المستنصر الفاطمي بمصر الذي هدده فيه وقال له: هلا اقتضيت آثار آبائك في الطاعة والولاء في كلام طويل، فأجابه المعز: إن آبائك وأجدادي كانوا ملوك المغرب قبل أن يتملكه أسلافك ولهم عليهم من الخدم أعظم من التقديم ولو أخروهم لتقدموا بأسيافهم ([2])،
وبينت لنا كتب التاريخ أن المعز بن باديس تدرج في عدائه للشيعة الرافضة الباطنية ولحكام مصر وظهر ذلك في عام 435هـ عندما وسع قاعدة أهل السنة في جيشه وديوانه ودولته، فبدأ في حملات التطهير للمعتقدات الباطنية ولمن يتلذذ بسبب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأوعز للعامة وللجنوده بقتل من يظهر الشتم والسب لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فسارعت العامة في كل الشمال الإفريقي للتخلص من بقايا العبيديين ليصفى الشمال الإفريقي من المعتقدات الفاسدة الدخيلة عليه وأشاد العلماء والفقهاء بهذا العمل الذي أشرف على تنفيذه المعز بن باديس رحمه الله وذكر الشعراء أشعاراً في مدح المعز، فقد قال القاسم بن مروان في تلك الحوادت:
وسوف يقتلون بكل أرض
كما قتلوا بأرض القيروان
وقال آخر:
يا معز الدين عشى في رفعة
وسرور واغتباط وجذل ... أتت أرضيت النبي المصطفى
وعتيقاً في الملاعين السفل
وجعلت القتل فيهم سنة
بأقاصي الأرض في كل الدول (3)
واستمر المعز بن باديس في التقرب إلى العامة وعلمائهم وفقهائهم من أهل السنة وواصل السير في تخطيطه للانفصال الكلي عن العبيديين في مصر، فجعل المذهب المالكي هو المذهب الرسمي لدولته وأعلن انضمامه للخلافة العباسية وغيَّر الأعلام إلى العباسيين وشعاراتهم وأحرق أعلام الدولة الفاطمية وشعاراتهم وأمر بسبك الدراهم والدنانير التي كانت عليها أسماء العبيديين والتي استمر الناس يتعاملون بها 145سنة وأمر بضرب سكة أخرى كتب على أحد وجهيها: لا إله إلا الله محمد رسول الله. وكتب على الآخر " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين " (آل عمران، آية: 85) وقضى المعز بن [1] المصدر نفسه (18/ 140). [2] تاريخ الفتح العربي في ليبيا، لطاهر الزاوي ص 289 ..
(3) تاريخ الفتح العربي في ليبيا، لطاهر الزاوي ص 289.
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 157