responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 14
لا تحسبوه مات شخص واحدٌ ... فممات كل العالمين مماته

لقد تأثر الناس بوفاة صلاح الدين حتى المؤرخون الأوروبيون ترحموا عليه وأشادوا بعدله وبقوته وتسامحه واعتبروه أعظم شخصية شهدها عصر الحروب الصليبية قاطبة، وستظل بإذن الله تعالى سيرة صلاح الدين تمد أبناء المسلمين بالعزائم الصلاحية التي تعيد إلى الحياة روعة الأيام الجميلة الماضية وبهجتها وبهاءها وترشد الأجيال إلى أهمية استياعب المشروع الإسلامي الحضاري الكبير تحت راية أهل السنة والجماعة وقد طويت بوفاة صلاح الدين صفحة من أنصع صفحات التاريخ، وأنقاها، فقد عرف فيه التاريخ رجلاً فذاً من طراز نور الدين محمود الشهيد، لم يكن همُّه جمع المال، ولم تستهوه زخرفةٌ، السلطان ولم تمل به عن جادة الحقَّ سطوة الحكم، فقد كان همّه انتصار الإسلام وأعظم أمانيه سيادة الشريعة، وأقصى غايته تطهير بلاد المسلمين من الصليبيين، وأرغامهم على الهزيمة والرجوع من حيث ما أتوا.
إن من الدروس المهمة من هذا الكتاب معرفة المشاريع المتصارعة في عهد صلاح الدين، فقد كانت ثلاثة تتطاحن على قدم وساق، وهي المشروع الصليبي والذي تتزعمه الكنيسة من عهد أوربان الثاني والمشروع الشيعي الرافضي بقيادة الدولة الفاطمية بمصر والمشروع الإسلامي الصحيح وحامل لوائه بعد نور الدين صلاح الدين، فكانت المحاور التي سار عليها أهل السنة دولة وشعباً، تعميق الهوية العقائدية السنية والإحياء الإسلامي الصحيح في نفوس الأمة والتصدي لشبهات المذهب الشيعي وإعداد الأمة لمقاومة الصليبيين، وكانت المحاور متداخله من حيث السير إلا أن تحرير بيت المقدس والقضاء على الصليبيين في معركة حطين لم يتم إلا بعد القضاء على الدولة الفاطمية سياسياً وعسكرياً، وقد سبقها الانتصارات العقائدية والفكرية والثقافية والتاريخية والحضارية للمذهب السني.
إن الذين استطاعوا تحرير بيت المقدس وانتزاع المدن والقلاع والحصون من الصليبيين هم الذين تميزوا بمشروعهم الإسلامي الصحيح وعرفوا خطر المشاريع الباطنية الدخيلة فتصدوا لها بكل حزم وعزم إن أية أمة تريد أن تنهض من كبوتها لابد أن تحرك ذاكرتها التاريخية لتستخلص منها الدروس والعبر والسنن في حاضرها وتستشرف مستقبلها.
إن قراءة التاريخ تضيف للباحث والقائد والزعيم والملك والرئيس أعمار السابقين وأما الوعي بالتاريخ فإنه يوظف ثمرات هذه القراءة في تغيير الواقع، واستشراف المستقبل ولذلك يستحيل التقدم وينعدم النهوض عند الذين لا يفقهون ولا يتعرفون على سنن الله وقوانينه وعبره وعظاته من خلال التاريخ.

اسم الکتاب : صلاح الدين الأيوبي وجهوده في القضاء على الدولة الفاطمية وتحرير بيت المقدس المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 14
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست