اسم الکتاب : عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين المؤلف : العمري، أكرم الجزء : 1 صفحة : 346
ويسعى بذمتهم أدناهم" [1]. وهذا يفسر تجاوب الأمم المختلفة مع الدعوة الاسلامية ودخولها في دين الله أفواجا. وربما من أجل ذلك كله قال الفيلسوف الألماني هيجل: "يعتبر المبدأ الاسلامي- أو روح التنوير في العالم الشرقي- أول مبدأ يقف في وجه البربرية" [2].
وتعلم الدعوة الاسلامية الشورى أساساً للنظام السياسي والاجتماعي انطلاقاً من الآية (وأمرهم شورى بينهم) والآية (وشاورهم في الأمر) وقد بيَّن عمر رضي الله عنه أن الحكم يخص الأمة وأن من يسلبها هذا الأمر يكون غاصباً [3].
وتوازن الدعوة الاسلامية بين المطالب الروحية والدنيوية، وتنظر إلى عمران الأرض وزينة الحياة وطيباتها نظرة متفائلة، فلا تطالب البشر بالتبتل والحرمان والنأي عن استثمار الطاقات المتنوعة لمصالحهم (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق) [4] (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليك) [5] فالمطلوب أن يكون العمران والاستثمار في نطاق الإحساس دون الظلم والانحراف عن الفطرة وتسخير القوى نحو الشر والدمار والطغيان ...
وهي في دعوتها إلى العمران تربي الأتباع على الاتقان، والاتقان يقابل
بمصطلحات العصر (التكنولوجيا)، والاحسان مرتبة عليا فوق الاسلام والإيمان، وفيها تتفجر الطاقات الانسانية، وتنفتح على عالم الغيب بتركيز عال من العبادة [1] أبو داؤد: السنن حديث رقم 2751. [2] هيجل: محاضرات في فلسفة التأريخ 250. [3] يعقوب بن سفيان: المعرفة والتأريخ 1: 351 بإسناد صحيح. [4] الأعراف 32. [5] القصص 77.
اسم الکتاب : عصر الخلافة الراشدة محاولة لنقد الرواية التاريخية وفق منهج المحدثين المؤلف : العمري، أكرم الجزء : 1 صفحة : 346