اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 570
تعجل في قطع خطبته وقال: لو عرفنا أنه، أي الخليفة العاضد، يموت في هذا اليوم ما غصصناه برفع اسمه من الخطبة، فضحك القاضي الفاضل ورد عليه: قائلاً: يا مولاي لو علم أنكم ما ترفعون اسمه من الخطبة لم يمت [1]، فابتسم الحاضرون لهذه المداعبة الكلامية بين الوزير صلاح الدين وكاتبه أو مستشاره التي أنطوت فيها آخر صفحة من صفحات تاريخ الدولة الفاطمية العبيدية [2].
2 - وفاة العاضد عام 567هـ: قال ابن كثير: والعاضد في اللغة القاطع: لا يعضد شجرها: فيه قطعت دولتهم واسمه عبد الله، ويكن بأبي محمد بن يوسف الحافظ بن محمد بن المستنصر ابن الظاهر بن الحاكم بن العزيز بن المعز بن المنصور بن القائم بن المهدي أوَّل ملوكهم وكان مولد العاضد في سنة سِتَّ وأربعين، فعاش إحدى وعشرين سنة، وكانت سيرته مذمومة وكان شيعياً خبيثاً لو أمكنه قتل كلَّ من قدر عليه من أهل السنة [3].
3 - فرح المسلمون بزوال الدولة الفاطمية: ولما انتهى الخبر إلى الملك نور الدين بالشام أرسل إلى الخليفة العباسي يعلمه بذلك مع ابن أبي عصرونن فزينت بغداد، وغلقت الأبواب وعُملت القباب وفرح المسلمون فرحاً شديداً وكانت الخطبة قد قَطعت من ديار مصر سنة تسع وخمسين وثلاثمائة في خلافة المطيع العباسَّي حين تغلب الفاطميُّون عليها أيام المعزَّ الفاطمي، بأني القاهرة إلى هذه الأوانِ، وذلك مائتا سنة وثماني سنين [4] وقد تفاعل الشعراء مع هذا الحدث المدوّي في أرجاء الدنيا فقد قال العماد الأصفهاني:
توفي العاضد الدعي مما ... يفتح ذو بدعة بمصر فما
وعصر فرعونها انقضى وغدا ... يوسفها في الأمور محتكما
قد طفئت جمرة الغواة وقد ... داخ من الشرك كل ما اضطرما
وصار شملُ الصلاح ملتئماً ... بها وعقد السداد منتظماً
لما غدا مشعراً شعار بني ... العباس حقَّا والباطل اكتتما
وبات داعي التوحيد منتظراً ... ومن دعاة الإشراك منتقماً
وظل أهل الضَّلال في ظلل ... داجية من غيابه وعمى
وارتبك الجاهلون في ظلل ... لما أضاءت منابر العُلماء
وعاد بالمستضيء ممتهداً ... بناء حقَّ قد كان منُهَدِما [1] القاضي الفاضل ص 139. [2] المصدر نفسه ص 139. [3] البداية والنهاية (16/ 451). [4] المصدر نفسه (16/ 450).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 570