اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 568
خامساً: إلغاء الخلافة الفاطمية العبيدية:
وتعتبر هذه الخطوة من أعظم المهام التي أنجزها صلاح الدين فقد كان نور ادلين حريصاً كل الحرص على إنهائها - فكتب إلى نائبه صلاح الدين يأمر بإقامة الخطبة للخليفة العباسي المستضيء - فاعتذر صلاح الدين، بالخوف من قيام أهل مصر ضده لميلهم إلى الفاطميين وبأنه لم يتهيأ لذلك بعد، إلا أن نورالدين أرسل إلى نائبه: يلزمه بذلك إلزاماً لا فسحة فيه. وكان الخليفة العباسي قد أرسل إلى نور الدين يعاتبه في تأخير إقامة الدعوة له بمصر، فأحضر الملك العادل نجم الدين أيوب، وحمّله رسالة فيها: وهذا أمر تجب المبادرة إليه، لنحظى بهذه الفضيلة الجليلة والمنقبة النبيلة قبل هجوم الموت وحضور الفوت لاسيما وإمام الوقت - المستنجد - متطلع إلى ذلك بكليته وهو عنده من أهم أمنيته [1] وكان صلاح الدين متهيباً متردداً في إسقاط تلك الخلافة، حيث أن ميراث العبيديين في مصر، كان عمره أكثر من مائتي سنة وكان نور الدين يعتبر أن فتح مصر نعمة من نعم الله عليه وعلى المسلمين، من أجل توحيد البلاد على منهج أهل السنة وإزالة البدع والرفض [2]، وكان نور الدين متفهماً لظروف صلاح الدين وكان يخاطبه بالأمير (أسفهلار) ولو أراد لأرسل خطاباً بعزله عن مصر وتوليته قطراً آخر، وهذا ما صرح به نجم الدين لولده صلاح الدين في مصر: إن أراد عزلك .. يأمر بكتاب مع نّجاب حتى تقصد خدمته ويولي بلاده من يريد [3]. ومن دلائل احترام نور الدين لصلاح الدين ما جاء في خطابه لابن أبي عصرون يوليه قضاء مصر ويظول فيه: تصل أنت وولدك حتى أسيركم إلى مصر، وذلك بموافقة صاحبي، واتفاق منه، صلاح الدين، وفقه الله فأنا شاكر له كثير كثير كثير، جزاه الله خيراً وأبقاه ففي بقاء الصالحين والأخبار صلاح عظيم [4].
فحقيقة العلاقة بين القائدين احترام متبادل وتقدير عظيم وسيأتي الحديث عن العلاقة بينهما بإذن الله والرد على الكتّاب الذين تلقوا زوايات ابن أبي طيء الشيعي الذي حرص على تشويه وتلطيخ العلاقة بين الرجلين والطعن في سيرتهما كلما أمكنه ذلك.
1 - التدرج في إلغاء الخطبة للخليفة الفاطمي: استفاد صلاح الدين من الرجل الكبير القاضي الفاضل، فقد ساعده على إحكام خطة مدروسة للقضاء على الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي الرافضي الإسماعيلي وشرع صلاح الدين في تنفيذها بدقة متناهية وبعد أن هّيأ صلاح الدين المصريين للإنقلاب وقلَّم أطفار المؤسسة الفاطمية، فعزل قضاة الشيعة وألغى مجالس الدعوة وأزال أصول المذهب الشيعي، ففي سنة 565هـ/1169م أبطل الأذان [1] كتاب الروضتين نقلاً عن الجهاد والتجديد ص 209. [2] الجهاد والتجديد ص 215. [3] كتاب الروضتين نقلاً عن الجهاد والتجديد ص 215. [4] المصدر نفسه ص 215.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 568