اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 548
وفي هذه الظروف التي كان نور الدين الشهيد يتطلع فيها إلى غزو مصر وصل إلى دمشق عام 559هـ الوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي، طالباً النجدة منه، ضد من سلب منه منصبه قهراً، كما وعد شاور مقابل مساعدة نور الدين له: بثلث دخل البلاد المصرية سنوياً، بعد دفع رواتب الجند، وأن يكون نائباً عن نور الدين بمصر، إذا ساعده في التغلب على ضرغام عدوه، ويكون أسد الدين شيركوه مقيماً بعسكره بمصر، ويتصرف مع شاور في شؤون البلاد بأمر نور الدين [1]. لكن نور الدين كان متردداً متريثاً: يقدم إلى هذا الغرض رجلاً، ويؤخر أخرى حتى استخار الله في الأمر، على ما هنالك من أخطار جسيمه ممثلة في الصليبيين بالساحل وبيت المقدس، إضافة إلى شكه في إخلاص شاور السعدي [2]. ثم جهز نور الدين الحملات المتوالية، ووجهها نحو مصر منُذ عام 559هـ حتى 564هـ بقيادة أسد الدين شيركوه [3].
2 - الحملة النورية الأولى: 559هـ:
قّرر نور الدين محمود إرسال حملة عسكرية إلى مصر بقيادة أسد الدين شيركوه لتحقيق هدفين: مبدئيين:
- الوقوف عن كثب على أوضاع مصر الداخلية تمهيداً لضمَّها، وبخاصة أن شاور وعده إن هو عاد إلى منصبه، سيتحمَّل نفقات الحملة ويؤمن إقامة أسد الدين شيركوه وجنده في مصر.
- إعادة شاور، الوزير الفاطمي المخلوع إلى منصبه.
وعلم ضرغام بالاستعدادات التي تجري في دمشق لتجهيز حملة لمساعدة شاور، فاحتاط للأمر، واستنجد بعموري الأول في محاولة منه للدخول في لعبة توازن القوى، وعقد معه اتفاقاً لمساعدته ضد نور الدين محمود وتعهد له بالمقابل أن يدفع جزية سنوية يقررها الملك كما وافق على أن تدخل مصر في تبعية الصليبيين وأجبر الخليفة الفاطمي العاضد على توقيع هذا الاتفاق [4]، وكان طبيعياً أن يقبل عموري الأول هذا العرض الذي سيتيح له فرصة لا تُعوَّض لدخول مصر وهو الأمل الذي سعى إليه الصليبيون منُذ أكثر من نصف قرن، فأعدَّ على الفور حملة عسكرية من أجل الزحف على مصر وخرج أسد الدين شيركوه على رأس حملته الأولى إلى مصر في شهر جمادي الآخرة 559هـ/شهر نيسان 1164م [1] الكامل في التاريخ نقلاً عن الجهاد والتجديد ص 198. [2] الكامل في التاريخ نقلاً عن الجهاد والتجديد ص 198. [3] الجهاد والتجديد ص 198. [4] تاريخ الزنكيين في الموصل وبلاد الشام ص 328.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 548