responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 543
بالفلسفة والعقيدة الباطنية وظهرت في مظهر ديني سياسي، فكانت كما يقول الأستاذ الندوي - أشد خطراً على الإسلام من الفلسفة، فقد كانت الفلسفة تعيش في برجها العاجي بعيداً عن الشعب والجمهور [1]، وأما الباطنية، فكانت تتسَّرب إلى المجتمع وتنفث سمومها فيه، وكان لها الإغراءات المادية القوية، ولم يكن في العالم الإسلامي في آخر القرن الخامس أحد أجدر بالرد عليها والكشف عن أسرارها ونقض ما تبني عليه دعوتها من الغزالي وكان لكتابات الغزالي أثر قوي مجال الرد على الباطنية، فقد استطاع بفكرة القوي وبما نال من شهرة أن يكون ذا تأثير قوي في مقاومة الباطنية وأن يناصر المذهب السني، فقد استطاع توظيف العلوم الشرعية والعلوم العقلية من الفلسفة والمنطق والكلام في نسف جذور المذهب الباطني وقال فيهم كلمته التي طار بها الركبان وسارت مسير الأمثال: طاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، فهم يتسترون بالتشيع وما هم من الشيعة من شيء وإنما هو قناع يخفون وراءه كيدهم لأهل الإسلام (2)
ومما يذكر للغزالي: استمراره على نقد هذه الطائفة وكشف اللثام عن تناقض أفكارها وفضائح أعمالها وسوء نواياها، برغم ما كان معلوماً في ذلك الوقت أن هذا النقد يكلفه حياته، وقد رأى بنفسه مصرع رجل الدولة الكبير الوزير نظام الملك وكان الشيعة الباطنية تهدد كل من يرونه خطراً عليهم من رجال الملك أو رجال العلم بالانتقام في صورة طعنة في خنجر، أو سم يدس في طعام أو غير ذلك من الأساليب التي أتقنوها ونفذوها بكل دقة وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على شجاعة الغزالي في صدعه بالحق، ومواجهة الباطل، مهما تكن النتيجة ولن يصيبه إلا ما كتب الله له [3]. وهذا درس وتذكير للعلماء المعاصرين أن يصدقوا الله في مقاومة الباطنين الجدد، وقد رأيت بعض المحسوبين على العلماء يخشونهم، ويخافون من القتل والاغتيال أو تهمة الطائفية، وبعضهم وقع تحت تأثير أبر التخدير الباطنية ومجاملات لا وزن لها في ميزان الشريعة أو حسابات دنيوية زائلة ولذلك تركوهم يعيثون بعقائد الأمة ومقدساتها وساعدهم بعض علماء الأمة في تخدير الجمهور العريض من أبناء المسلمين مع علم هؤلاء العلماء بخطر هؤلاء القوم على عقائد الأمة وأخلاقها، أما يخشى هؤلاء الناس من يقوم يتقلب فيه القلوب والأبصار ويسأل الله فيه الصادقين عن صدقهم.

ثانياً: الحملات النورية العسكرية على مصر:
قام الوزير الفاطمي ابن السلار السني المذهب بمحاولة الاتصال بنور الدين من أجل شن عمليات حربية مشتركة على أساس أن يتقدم نور الدين بقواته من الشمال ويقوم

[1] الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه ص 60.
(2) الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه ص 60 ..
[3] الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه ص 62.
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 543
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست