اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 535
إلى أن قال:
وإنا بعد منخوف وأمن ... نحب إذا تشعبت الأمور
رسول الله والصديق حبا ... به ترجى السعادة والبحور
وبعدهما نحب القوم طُرَّا ... وما اختلفوا فربهم غفور
ألا بأبي وخالصتي وأمي ... محمد البشير لنا النذير
سأهدى ما حييت له ثناء ... مع الركبان ينجد أو يغور (1)
4 - المعز لدين الله الفاطمي ودخوله مصر: كان يتابع أحوال حكام وأمراء مصر عن كثب، وأصبحت نفسه تسول له الاستيلاء على مصر، وبموت كافور الإخشيدي في سنة 355هـ اضطربت الديار المصرية، فاقتنص المعز الفرصة ولم يجعلها تمر مر السحاب، فعزم ودبر وأقدم على حفر الآبار والقصور فيما بين القيروان إلى حدود مصر، وحشد الجيوش العظيمة، التي كانت تزيد عن مائة ألف، وأمر المعز كل أمرائه وولاته أن يسمعوا ويطيعوا ويترجلوا في ركاب جوهر الصقلي، وتحركت الجيوش العبيدية لنقل المذهب الباطني إلى مصر ليتخلص من الأزمات والثورات والصراعات العنيفة التي قادها علماء أهل السنة في خمس عقود متتالية في الشمال الإفريقي، رافضين المذهب الباطني معلنين عقائد أهل السنة والجماعة، فاستفاد المعز من ضعف الحكم الإخشيدي التابع للدولة العباسية فرمى بسهمامه المسمومة، ودفع إليها جيوشه المحمومة طلبا من أعوانه وسعياً للقضاء على الدولة العباسي وفي جماد الآخرة سنة 358هـ استطاعت جيوش المعزل دخول مصر بقيادة جوهر الصقلي الذي لم يجد أي عناء في ضمها لأملاك العبيديين وجوهر الصقلي هذا هو الذي بنى الأزهر الذي تم بناءه سنة 361هـ ليكون محصناً لأعداد دعاة المذهب الإسماعيلي الباطني وبعد أن مهدت مصر للمعز الفاطمي العبيدي جهز جيوشه وحاشيته وأهله وأمواله وسار مفارقاً شمال إفريقيا إلى مصر ليتولى أمرها فأسند زعامة الشمال الإفريقي إلى الأمير الضهاجي بلكين بن زيري وضم المعز إلى مصر كلا من طرابلس وسرت وبرقة وكان معه شاعره الذي غالى في مدح المعز محمد بن هانئ الأندلس الذي قال:
فكأنما أنت النبي محمد ... وكأنما أنصارك الأنصار
ما شئت أنت لا ما شاءت الأقدار ... فاحكم فأنت الواحد القهار
هذا الذي تجدي شفاعته غداً ... حقَّا وتُخمد أن تراه النار
(1) رياض النفوس (2/ 494).
اسم الکتاب : عصر الدولة الزنكية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 535